جبهات عمل حكومية لإعمار المناطق المحررة وفق مسؤوليات محددة .. مخططات تنظيمية جديدة .. صون الحقوق والملكيات
صاحبة الجلالة – متابعة باتت عملية إعادة الاعمار أمراً واقعاً باشرت فيه الحكومة بعد سنوات قاربت الثماني من حرب إرهابية شرسة على سورية، استهدفت البنى التحتية كما استهدفت الخبرات والكفاءات البشرية. ولعل أول خطوة من عملية إعادة الأعمار هي إزالة الأنقاض من المناطق المحررة والتي لم تتم مناقشتها من قبل بشكل رسمي، حتى طرحها رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس على بساط البحث، بحضور كل المعنيين من مختلف القطاعات، لوضع تصور شبه نهائي عن هذه المسألة، حتى تتم إزالة آخر آثار الإرهاب من المناطق السورية المحررة. المسألة بقليل من التمعّن ليست مسألة أنقاض وركام وإزالته، وليست مسألة جمال بصري حتى لا تتأذى العين من منظر مخلفات الإرهاب، بل المسالة هي ناحية معنوية ونفسية، تتصل بالمواطن السوري، وصموده وإصراره على تحدي الإرهاب، فعندما تزال الأنقاض من المناطق المحررة، فذلك يعني طي صفحة سوداء، عاث فيها الإرهاب فساداً، وطيها إلى غير رجعة، ما يعني أن ترحيل أكوام الركام، بمثابة ترحيل وكنس الإرهاب وبقاياه من مناطقنا وأراضينا، وفي ذلك رسائل ليست بالقليلة إن كان للداخل أم للخارج. فالرسالة موازية الوضوح، لجهة أن تخصيص رئاسة مجلس الوزراء ساعات ثلاث ونصف الساعة، لمناقشة كيفية الترحيل وآلياته، ليس بالأمر القليل، ناهيك عن كون مناقشة الآليات الكفيلة بأفضل الحلول، تعني أن القرار اتخذ، وبات قيد التنفيذ، ما يعني وبعبارة أخرى أن عملية إعادة الإعمار قد بدأت، وبات من الضروري مسح كل ما يتصل بالإرهاب، بالنظر إلى أن إزالة ركام الحرب الإرهابية، تعني الكثير من الناحية النفسية للمواطن، الذي باتت الذكرى فقط هي ما تربطه بتلك الفترة الإرهابية السوداء . النقطة المهمة التي تحدث عنها رئيس مجلس الوزراء، والتي تثير الاهتمام فعلاً، هي تنبيه المجتمعين بضرورة الحفاظ على الذاكرة السورية وعلى مستندات تذكير الخارج عند الحاجة لجهة الحفاظ على بعض النقاط المحدودة، التي ستتم دراستها، واختيار بعضها بعناية لتكون شاهداً لأولادنا، وللأجيال القادمة على همجية الإرهاب ومشغليه وداعميه، في هجمتهم على بلادنا وبناها التحتية وكفاءاتها، حتى تبقى هذه الشواهد محفزاً لكل الأجيال القادمة للالتفاف حول سورية الأم وحمايتها وصونها. لم يخل حديث رئيس مجلس الوزراء من رسائل التطمين لكل أصحاب العلاقة بملف الأنقاض وإعادة الحياة للمناطق المحررة، ولعل أبرزها ما كان موجها لأصحاب الحقوق والملكيات، من صونها والحفاظ عليها، مع تطمين سكان كل تلك المناطق بعودتها إلى سابق عهدها ، تكفله آليات وتشريعات التطوير العقاري، عبر مخططات تنظيمية جديدة، تراعي إيجاد آليات مناسبة لتعويض المتضررين في المناطق المنظمة، ناهيك عن تطمين شركات القطاع العام بفتح جبهات عمل جديدة لها تكفل إيرادات مجزية تمكنها من الاستمرار بدفع رواتب موظفيها، ناهيك عن قدرتها على مراكمة الأرباح لديها، لأن العمل ليس هيناً أو قصير الأمد، وذلك من خلال تكليف هذه الشركات بمهمة إزالة أنقاض المباني الحكومية والمقرات الآيلة للسقوط العائدة للقطاع العام، بالتوازي مع تطمين القطاع الخاص الوطني بأن الأعمار سيتم بالأيادي الوطنية المتكاتفة، من خلال منح محفزات لجهات هذا القطاع. في خضم سيل الرؤى والأفكار التي تم طرحها خلال الاجتماع، لا بد من الوقوف عند الآلية التي وضعها رئيس مجلس الوزراء، لتلافي التعقيد والروتين، وتحديد المسؤوليات، وبالتالي ضمان سرعة الإنجاز، حيث قرر رئيس الحكومة أن يكون المحافظ (في كل محافظة) هو رأس الهرم في معالجة هذا الملف، فهو من يحرك الأذرع التنفيذية لهذه العملية، وهو من يقودها ضمن نطاق محافظته في إزالة الأنقاض وتدوير مخلفات هذه العملية، وإعادة إعمار المناطق ضمن المحافظة التي يتولاها، مع تمكينه من الأدوات الكفيلة بتنفيذ ذلك، عبر فريق عمل على مستوى كل وحدة إدارية، بمشاركة مديرية التنظيم العمراني بالمحافظة، ونقابة المهندسين، وجهات الإدارة المحلية، والأشغال العامة، من أجل وضع مخطط تنظيمي جديد لكافة المناطق المتضررة بفعل الإرهاب، والتوسع الشاقولي، وحسب خصوصية كل منطقة، أما عن المتابعة مع المحافظات فيتم عبر تشكيل لجنة متابعة مركزية في كل محافظة، لمتابعة مدى تقدم الأعمال في هذا المجال، تكون برئاسة المحافظ، وتقدم تقاريرها بشكل دوري إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة.