أمران لامفـرّ منهما في سورية : الموت و الضـرائب!
الثلاثاء 19-06-2018
- نشر 6 سنة
- 5553 قراءة
تتصاعـد الشكوى دوما ً حيال ارتفاع الضرائب عـلى الأرباح، مع ازدياد التهرب الضريبي الذي جعل العديد من الدخول المرتفعـة في منأى عن الضريبة، في حين إن الرسوم (وخاصة غير المباشرة) تقع على عاتق المستهلك النهائي، وهي عمياء لا تميز بين فقير وغني، وقال خبير وطني في هذا المجال: « إن 70% من الضرائب تأتي من 30% وهم أصحاب الدخل العـادي»!
ولكن.. ما «الضريبة» ؟
الضريبة بالتعـريف: هي مبلغ نقدي تفرضه الدولة على الأفراد والشركات، بهدف تمويل النفقات التي تترتب على الدولة لتأمين الخدمات الاجتماعية، ودفع رواتب الموظفين في الدوائر الحكومية، ولإنشاء البنى التحتية، ودعم السلع الأساسية لتأمينها للمواطن بسعر أقل.
تعـريف باسم للضريبة: «الغـرامة هي ضريبة قيامك بعـمل سيئ، والضريبة هي غـرامة كونك قمت بعـملك جيداً»!
وتلعب الضريبة دوراً اجتماعياً أيضاً في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، حيث تُوظف الإيرادات الضريبية لتأمين الخدمات الاجتماعية بتكلفة أقل، (أو مجاناً)، ما يعيد بعـض التوازن بين طبقات المجتمع.
طرفة عـن شخص يسأل مارد المصباح «طلبت أمنيتين» ولكنك حققت لي واحدة فقط؟ قال له المارد: اسـتولت على الثانية مصلحة الضرائب!
يمكن تصنيف الضريبة، حسب طريقة فرضها، فهناك الضريبة غير المرتبطة بالدخل، حيث يفرض معدل الضريبة نفسه على جميع الفئات، فتكون الضريبة مثلاً على العقارات 5% مهما كانت قيمتها.
وهناك الضريبة التصاعدية، حيث يزيد المعدّل الضريبي كلّما ارتفعت قيمة العقار أو ارتفع الدخل، فتكون مثلاً 3% لمن دخله دون 10 آلاف ليرة، و5% لمن دخله مثلاً بين 10001 و20 ألف ليرة، و7% لمن دخله يتراوح بين 20001 و40 ألف ليرة سورية.
وهنا يجب أن نميـّز بين: الضرائب والرسوم (مثل رسم الطابع، رسوم التبغ، رسم الخروج، رسوم السيارات، رسم الري، رسوم الموانئ,,الخ.).
لاننسى أنّ هناك اقتصاديين يقولون: إنّ جمع ضرائب أكثر من اللازم، هو ببساطة: سرقة قانونية تنفذها الدولة!
حادثة جرت معـي شخصيا ً أثناء إعـداد مسودة قانون الاستثمار 2011، فقد كان مندوب كل وزارة يجرّ اللحاف صوبه (الشؤون الاجتماعـية لأجل توظيف السوريين في المشروعـات الوافدة، الزراعة :من اجل إضافة نقاط تفضيلية للمشروعات الزراعـية – Agrobase industries -، البيئة من أجل مشروعـات خضراء، الخ..) ولم تحرمنا المالية من تدخلها.. فهي ترغـب بالحصول عـلى الضرائب عند تشييد البناء الصناعـي، واستيراد الآلات، وحتى قبل أن يبدأ الإنتاج وقد بحّ صوتي وأنـا أوضّح لهم أنّ هذا بمنزلة ذبح الإوزة التي تضع بيضا ً ذهبياً، من جراء الطمع للحصول عـلى ما في بطنها من بيض ثمين! فعـليهم الانتظار ليبدأ المردود، ويرتاح المستثمر، عـندها هو يبدأ بالدفع عـن طيب خاطر. لاتفوتنا ملاحظة ظاهرة التهرب الضريبي، وهي شائعة في معظم دول العالم وفي مختلف العصور وإن كانت معـدلاتها في الدول النامية أعلى بكثير من المتقدمة. أما في البلدان النامية فلا توجد إحصاءات خاصة بها، وقد قدر خبير الضرائب (د.جليلاتي) منذ سنوات أن الفاقد يبلغ في مصر ـ20 مليار جنيه مصري! «فاته أن يقدر الرقم الوطني!»…
يتم الحكم على كفاءة النظام الضريبي من خلال: مدى شموليته- هيكليته الملائمة لاعتبارات العدالة الاجتماعية- كفاءة الإدارة الضريبية بالتحقق والتحصيل. نكتـة يحكيها الرئيس السوداني عمر البشير وهو يخاطب مؤتمر اتحاد عمال السودان «جاء رجل ليحاجج موظفي الضرائب بعد التقدير الذي يراه مجحفاً.. وعندما وجد كل المسؤولين في الضرائب من السيدات ولم يجد رجلاً ليحاججه دفع ما عليه راضخاً وقال متحسراً «نعمل شنو في وقت البلد ما فيها رجال»…»!
ختاماً: لتحقيق العـدالة الضريبية، نحتاج – وبسرعـة- إلى إصلاح ضريبي، فمن أيـن نبدأ ؟ أسعـفوني (فالحكي ما عـليه جمرك)!!
تشرين