بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

تركيا تنسحب من سورية أم تتجه للتخريب؟

الخميس 30-03-2017 - نشر 8 سنة - 5916 قراءة

بصورة مفاجئة أعلن مجلس الأمن القومي التركي نهاية عملية درع الفرات التي بدأها في شهر آب الماضي، بدخول الجيش التركي رسمياً من دون موافقة الحكومة السورية بلدة جرابلس السورية الحدودية مع تركيا بعدما تسلّمها من داعش من دون قتال، وأعلن أن مهمة العملية بلوغ مدينة الباب ومن ثم منبج للمشاركة في تحرير الرقة من يد داعش، بينما يعلن نهاية العملية والقول إنها حققت أهدافها، والجيش التركي ومَن معه من ميليشيات لم يتمكّن من دخول منبج ولا المشاركة في عملية الرقة، وبالتالي لم يتحقّق هدف العملية ولم تكتمل مهمتها، فماذا يعني قرار مجلس الأمن القومي التركي إنهاء المهمة والإعلان عن تحقيق أهدافها؟.

الإعلان يتزامن مع فشل المحادثات التركية الأميركية في التوصل لتفاهم حول معركة الرقة ومشاركة الجيش التركي فيها والعقدة الكردية التي تسبّبت بالدخول التركي إلى سوريا، وبكسر الجرّة مع داعش وتحمّل تبعات حرب معها تتفاقم بوجه الأتراك، فالأميركي يزداد تمسكاً بهم ولو غضبت تركيا، وروسيا ليست جاهزة لقبول شطب مكوّن سوري شريك حتمي في أي تسوية مقبلة سورية سورية كرمى لعيون الأتراك، بل هي أبلغت الرئيس التركي مشاركتها لتركيا برفض بقاء خصوصية عسكرية أمنية كردية، أو نشوء كانتون كردي، لكنها أبلغت الرئيس التركي أن الطريق لذلك هو إلغاء كل خصوصية أمنية عسكرية مقابلة في الأراضي السورية وعودة كل الأراضي السورية إلى كنف الجيش السوري بقيادة حكومة سوريا موحدة يعترف بها الجميع ويمنحها الدعم في الحرب على الإرهاب. فهل الإعلان التركي خطوة لقبول النصيحة الروسية بالانسحاب من خصوصية عسكرية تركية في سوريا على حساب الدولة السورية؟

الإعلان عن نهاية المهمة وعن نجاحها، يعني عملياً سحب الجيش التركي من الأراضي السورية وعدم العودة مرة ثانية، فالمهمة نفذت بنجاح وفقاً للبيان التركي، لكن لا وجود لأي مؤشرات على تحسن العلاقات التركية الروسية يرافق الخطوة، ليتسنّى وضعه في سياق مبادرة إيجابية، بل إن تركيا تواصل إطلاق مواقف تضع موسكو وواشنطن في منزلة واحدة لجهة اعتبار تعاملهم مع الجماعات الكردية طعناً لتركيا في الظهر، وهذا يعني أن تركيا قرّرت الانتقال من دائرة عرض التعاون مع موسكو وواشنطن لكن بشروطها، وعلى رأسها في وجه موسكو رفض التعامل مع الدولة السورية وبوجه واشنطن رفض التعاون مع الأكراد، فماذا عساها تفعل الآن؟

القرار يعني أن تركيا تقول لموسكو وواشنطن، هذا فراغ استراتيجي فتسابقا عليه، وبينكم وبينه ميليشيات مدعومة ضمناً من تركيا، لكن أنقرة ليست مسؤولة عن تفلتها، فهؤلاء قد يشتبكون غداً مع الأكراد ولا يمكنكم مطالبة أنقرة بالضبط، وقد يشتبكون مع الجيش السوري ولا يمكنكم القول لأنقرة أنها ضامنة وقف النار، وفقاً لتفاهم أستانة، فالضمانة هنا صارت سياسية بلا وسائل تأثير ميدانية، وتركيا تقول أيضاً إن حرب النصرة على الجيش السوري مهيّأة لتتسع شمالاً من دون القدرة على مطالبة تركيا بفعل شيء أو اتهامها بالتورّط، والنتيجة الوحيدة التي تريدها تركيا هي المزيد من الفوضى لتظهر أهمية دورها.

الحسابات التركية تكشف الغرور القاتل الذي يحكم حسابات الرئيس التركي رجب أردوغان، فلن يترتّب على ادعاء الخروج من سوريا إلا إطلاق يد الجيش السوري لوضع الفصائل التي ترعاها تركيا بين خيارَيْ الانضواء الجدّي في أستانة ومندرجاتها، أو مواجهة خطر عملية عسكرية يستعمل فيها كل سلاح متاح من دون مراعاة حسابات وجود عسكري تركي يفترض أنه لم يعد موجوداً، وموسكو قد أظهرت أنها لا تسلس للعناد، بل تواجهه بعناد، والتصرف التركي على الطريقة «الإسرائيلية» التي أعقبت زيارة نتنياهو لموسكو سيلقى رداً كالردّ الذي لقيه نتنياهو.

أنقرة تنتقل من الاستفزاز إلى الابتزاز، وموسكو ودمشق وطهران بموقف حاسم لا مكان فيه للابتزاز. أما واشنطن فقد خسرت حليفها في الناتو كوكيل معتمَدٍ للعب السياسي والعسكري، وبات عليها القبول بحقيقة أن حضورها بات محدوداً في مناطق انتشار الأكراد، والباقي حيث توجد جماعات مسلحة تقودها النصرة أو يحتله داعش.


أخبار ذات صلة