بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

لماذا غاب المسرح الخــاص وتحولت صالاته إلى مقاهٍ وكافيتريات؟؟

الثلاثاء 28-03-2017 - نشر 8 سنة - 776 قراءة

في الجهة الموازية لمدرسة التجهيز، يسهل التعرف إلى قاطع التذاكر في سينما الفردوس بعد 25 عاماً أمضاها أحمد الملا هناك، يومياً يأخذ مكانه بين بوسترات العروض السينمائية والمسرحية، إلى أن تغلق الصالة أبوابها أول الليل.

قبل حوالي عشر سنوات، ومع رحيل الفنان ناجي جبر آخر نجوم المسرح الخاص، توقفت العروض في الصالة، ربما كان ذلك سبباً رئيساً في رأي قاطع التذاكر، فمع غياب الوجوه المسرحية المعروفة أمثال محمود جبر وعدد من أبناء عائلة قنوع الفنية، لم يظهر بدلاء عنهم. لاحقاً اقتصرت العروض على السينما، وهي في حدها الأدنى أيضاً، بعد أن كان صاحب المكان، المقيم حالياً في لبنان، يضطر لإلغاء عروض السينما لمصلحة المسرح!.  

يستحضر الملا آخر العروض في المكان، «ليلة أنس» للراحل ناجي جبر، استمرت عروضها لـ 8 سنوات، زار خلالها عدداً من الدول، وكان يقال وقتها إنه تفوق على عادل إمام في جماهيرية عروضه, أما حالياً فلم يعد شيء على حاله، صارت عروض المسرح القومي الجادة تلقى إقبالاً أكثر من غيرها، وهو ما لا يتناسب مع المسارح الخاصة، إذ يجب أن تكون العروض كوميدية لتجذب الناس، في مسارح «الخيام، الدنيا، راميتا»، كانت مسرحيات «محمود جبر، ياسين بقوش، سامية الجزائري، غادة بشور، حسن دكاك، أندريه سكاف»، تحرّك المسرح التجاري.

لم تكن ظروف الحرب سبباً لما أصبحت عليه عدة مسارح خاصة في دمشق، أزمتها جزء من حالة أوسع، يعيشها المسرح السوري عامة.. يمكن القول: إن أناسها وفنانيها تخلّوا عنها، ولو قدم أحد نجوم الكوميديا عرضاً مسرحياً لربما يأتي جمهوره ومحبوه، لكن هذا لم يحصل منذ زمن في مسرح الفردوس أو غيره من المسارح الخاصة، يؤكد الملا «ليس للمسرح سوى شباك التذاكر، معظم المسرحيين اتجهوا للعمل في التلفزيون، لأن العمل المسرحي لا يحقق لهم وارداً مادياً كافياً في الظروف الحالية، ناهيك بالالتزام اليومي على عكس العمل في الدراما، يمكن للممثل أن يقدم عملاً واحداً خلال العام، يكتفي بأجره وشهرته، الفنانون أيام زمان كانوا يعملون حباً بالخشبة والجمهور أما اليوم فلا أحد معنياً بهذه الفكرة».

في مبنى اتحاد عمال دمشق قدمت «فرقة لو المسرحية» عرضها «حرية ولكن» مؤخراً على مسرح راميتا، قبل أن تنتقل إلى حلب. يقول صاحب أحد محلات الألبسة في المكان: مع بداية الحرب أصيب المسرح بشلل شبه تام، كلفني مالكه بالإشراف عليه قبل أن يترك البلد، حاولت التعاون مع الفرقة لتنشيط الوضع لكن لم تنجح عروضها للأسف رغم أن أسعارها كانت رمزية، نتمنى أن تطرق الفرق المسرحية أبواب راميتا من جديد، لدي 700 كرسي فارغ، لا أطالب بالربح لكنني أرغب في إعادة الحياة للمكان العريق.

قبل أن يصبح مسرح راميتا «خرابة» بالمعنى الحقيقي للكلمة، فضّل المشرف عليه تحويله إلى قهوة صغيرة للاستفادة قدر المستطاع من موقعه في «سوق الصالحية»،  وهو ما آلت إليه الحال في مسرح الزهراء، يبدو أن الكافيتريات حلول مرضية لأصحابها، تتكئ على السمعة القديمة للأمكنة وسط دمشق، في حين تنكفئ السينمات والمسارح على نفسها

في مسرح الزهراء أزعجت رغبتنا بالاطلاع على «بلكون» الصالة والشاشة السينمائية فيها، شاباً وفتاة حضرا لمتابعة فيلم ما، هناك أيضاً توقفت العروض منذ 17 عاماً تقريباً، كان آخرها عرض للراحل حسن دكاك. يحدثنا مستثمر الكافيتريا زياد قباني.. بدأ عمله في المكان منذ عام 1960: مع الزمن لم يعد هناك رواد للمسرح التجاري، ما عاد العمل مربحاً لذا لم يعد الفنانون يبحثون عن المسرح، قبل سنوات خسر الفنانان دكاك ونبيل دياب بعد أن بذلا جهوداً فردية من دون أي دعم يذكر.. يحلل الرجل الوضع على طريقته فالمسرح التجاري عادة ما يقدم نوعيات رديئة أو درجة ثانية لكونه يعتمد على الجذب لا الفكرة، لذا يفضل النجوم الكبار العمل في المسارح ذات الطابع الثقافي، هذا سبب إضافي، قلة من الفنانين ترغب خوض غمار المسرح الخاص.

في مسرح الخيام، يتكرر السيناريو ذاته، زاوية صغيرة لبيع الفوشار وأخرى لتحويل الوحدات، في حين تجتذب القهوة في الطابق الثاني عدداً من الشباب، حال المسرح ليس أفضل من غيره، آخر عروضه كانت للفنان دكاك «على عينك يا تاجر» قبل أن تحول الظروف دون استقبال عروض أخرى.

أحد الشركاء في ملكية المسرح، أسامة سويد «منتج مسرحي مصري سوري»، حاول تدارك الوضع عبر فرقته الخاصة للأطفال «جدو أسامة»، ويبدو أنها نجحت إلى حد ما في تلافي إغلاق الصالة بشكل نهائي، مع أنها تنشط في عطلات الصيف والربيع ومواسم الأعياد فقط.

يعلّق الرجل: في الماضي كانت العروض رابحة، لو كانت خاسرة لتوقفت ببساطة، لكن هذه المعادلة لم تعد صحيحة اليوم، فأنا مثلاً تمكنت من الاستمرارية بسبب توافر المكان والأدوات والإكسسوارات على عكس بقية الفرق، كل شيء صار مكلفاً هذه الأيام، أياً كان العرض فإن تكلفته لن تقل عن مليون ليرة، أي مسرحية ستعوض هذا المبلغ؟، ما فعله القائمون على مسرح راميتا في تقديم عرض مسرحي لمدة ثلاثة أيام  كان خطوة غير صحيحة، الخسارة نتيجة حتمية في المسارح الخاصة!.  في المحصلة صارت المديرية العامة للمسارح والموسيقا، الجهة الوحيدة المنتجة في المسرح السوري، يتكرر الحديث أيضاً عن استقطابها أسماء معروفة على حساب البقية، وإن كان ذلك غير صحيح برأي مديرها عماد جلول، وفق ما أكده في حوار له مع «تشرين» ينشر قريباً… يشرح المدير خريطة التعاون المسرحي سنوياً، إذ تشرع المديرية أبوابها أمام الشباب أسوة بأصحاب الخبرة أمثال أيمن زيدان، فايز قزق، بسام كوسا، سامر عمران، غسان مسعود.. حتى إنها تسعى لاستقطاب خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، والدليل كما يقول جلول إطلاقها مشروع دعم مسرح الشباب قريباً، غايته تبني كل من سبق له تقديم تجربة مسرحية لأي جهة كانت.. في هذا ترفع المديرية العتب عنها، بعد أن انكفأت جهات عدة عن الإنتاج المسرحي، لتصبح المهمة منوطة بها وحدها، وما يعنيه هذا من حاجة لتطوير القوانين والأنظمة المتعلقة بها، لتكبر حجماً وكادراً وميزانية

اتجاه الفنانين عامة نحو التلفزيون، حقيقة لا يمكن التحايل عليها مادامت الأجور التي يتقاضاها المسرحيون غير منصفة أياً كانت المسارح التي يقفون على خشبتها، هنا يعيد جلول توصيف الحالة، فالمديرية عاجزة عن منافسة الدراما التلفزيونية بما يخص الأجور، لعدة أسباب ومقومات المسرح ليس شركة إنتاج قطاع خاص، ولا أحد يلوم الفنانين، هم يعملون بشكل شبه مجاني. إذا كانت هذه الحال بالنسبة للمسارح المدعومة من وزارة الثقافة، فمن البدهي تالياً توقف نظيرتها الخاصة عن العمل، يبدو أن ذلك لا يشغل بال أحد، حتى أصحاب المسارح أنفسهم، تركوها وغادروا قبيل الحرب أو بموازاتها.

تشرين


أخبار ذات صلة

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

إشراف.. الأستاذ الدكتور رشاد محمد ثابت مراد

المايسترو ميساك باغبودريان:

المايسترو ميساك باغبودريان:

من المحزن عدم وجود أي برنامج يتحدث عن الموسيقا في قنواتنا التلفزيونية