لبنان يتخذ خطوة مصرفية ضد سورية قد تؤدي الى توتر بالعلاقات
قررت الهيئة المصرفية العليا تعيين مراقب على البنك التجاري السوري اللبناني، في خطوة قد تثير إشكالات عدّة مع الحكومة السورية، مالكة أغلبية الأسهم في هذا البنك. وكانت الهيئة قد عقدت جلسة في الأسبوع الماضي، بصفتها محكمة مصرفية، ونظرت في الملف المحال إليها من لجنة الرقابة على المصارف، والذي يتهم البنك المذكور بمخالفة تعاميم مصرف لبنان المتعلقة بنسب السيولة ونسب الأموال الجاهزة بالعملات الأجنبية والتجاوزات في مراكز القطع، علماً بأن هذه المخالفات والتجاوزات نتجت من العقوبات الأميركية على البنك، والتي استدعت من مصرف لبنان في مراحل سابقة الطلب منه حصر تعاملاته بالليرة اللبنانية ومنعه من أي تحويلات بالدولار أو باليورو. يذكر أن المرّة الأولى التي طرح فيها ملف البنك التجاري السوري اللبناني، كانت إبان زيارة وفد مصرفي لبناني لواشنطن (أيلول 2017)، وطلب الأميركيون وقتها إغلاق هذا المصرف، مستندين إلى أن المصرف الذي وضع على «لائحة أوفاك» قبل سنوات، قام بإجراء معاملات بالدولار (شيك مصرفي بقيمة 400 ألف دولار وحوالة مالية بالدولار ثمن ورق مستورد إلى السويد)، ما يدلّ على أنه لا يزال ينشط (لبنانياً). ولاحقاً، عندما أتى موفد يمثل وزارة الخزانة الأميركية، إلى بيروت، أعاد طرح الموضوع، وطلب من مصرف لبنان المركزي إغلاق المصرف، وكان جواب حاكم مصرف لبنان وقتذاك أن المصرف شركة مساهمة لبنانية، ولا يحقّ لمصرف لبنان إغلاقه وإذا تعامل بالدولار يحاسب على فعلته، وأكد أن الموضوع سياسي بامتياز، والقرار بشأنه ليس عند مصرف لبنان وحده. وبحسب المعلومات، أنجزت لجنة الرقابة هذا الملف قبل فترة طويلة وأحالته الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بصفته رئيساً للهيئة المصرفية العليا، إلا أن الملف بقي مجمّداً بسبب تنبيهات سورية، إذ اعتبر الجانب السوري أن الملف المرفوع يأتي على خلفية طلب أميركي بإقفال البنك. ومن المقرر أن تعقد لجنة الرقابة على المصارف اجتماعاً اليوم لاختيار المراقب على البنك من عداد موظفيها، بحسب ما جاء في قرار الهيئة، علماً بأن مصادر معنية أشارت سابقاً الى أن أي إجراء ضد البنك لا يحظى بغطاء سياسي ويتحمل سلامة مسؤوليته مباشرة. الجدير بالإشارة أن قرار الهيئة الأخير هو الثاني من نوعه في فترة قصيرة، بعد قرار تعيين مدير مؤقت لبنك التمويل وعزل مجلس إدارته والإدارة العامّة. كما أنه الثاني بحق البنك التجاري السوري اللبناني، إذ سبق لهيئة التحقيق الخاصة أن قررت تعيين مراقب على البنك في عام 2015. وفي المعلومات، أنه عندما زار الدبلوماسي الأميركي ديفيد ساترفيلد العاصمة اللبنانية في مطلع العام الحالي (المهمة الحدودية البرية والبحرية)، أعاد أيضاً طرح هذا الأمر، وفي سياق قرار أميركي بالضغط على لبنان لإقفال المصرف المذكور. وفي هذه الزيارة، كرر سلامة على مسامع ساترفيلد أن المسألة سياسية بامتياز، في إشارة مبطنة إلى وجود توجهين رسميين، أحدهما لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يرفض إغلاق المصرف، بينما يدفع رئيس الحكومة سعد الحريري لا بل يشجّع على إغلاق المصرف التجاري اللبناني السوري، يسانده في توجهه المذكور رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود. الأخطر من الضغط الأميركي لإقفال المصرف التجاري السوري اللبناني الدور الذي تلعبه «غرفة الرياض»، التي تشكّلت في مطلع العام 2018 وقد أحيل المصرف على الهيئة المصرفية التي قررت في آخر جلسة تعيين مراقب عليه، وسبق اتخاذ القرار قيام مسؤول مصرفي سوري بزيارة لبيروت التقى خلالها عدداً من المسؤولين المصرفيين، وبينهم رياض سلامة وتمحور النقاش حول قضايا مصرفية بين البلدين، وأبرزها قضية المصرف التجاري السوري اللبناني، فيما كانت السفارة السورية في بيروت تتابع مجريات الملف عن طريق أكثر من شخصية معنية بالتواصل مع سلامة وجمعية المصارف. ووفق المتابعين للملف، «هناك مليون ونصف مليون لاجئ سوري في لبنان يحقّ لهم أن يكون لديهم مصرف، وخصوصاً أن المصارف اللبنانية لا تفتح حسابات للسوريين وتتهرب من الأمر. زد على ذلك، أن المصرف شركة مساهمة لبنانية، لا يحقّ لأحد إقفاله، وإذا ارتكب مخالفة يحاسب على هذه المخالفة». والأخطر من الضغط الأميركي الدور الذي تلعبه «غرفة الرياض»، التي تشكّلت في مطلع العام 2018، وتضمّ ممثلين عن: الولايات المتحدة، السعودية، قطر، الإمارات، الأردن، وإسرائيل، وهدفها التضييق المالي على حسابات شركات ومؤسسات وشخصيات تصنف في خانة محور المقاومة، وتحديداً حزب الله وسوريا. وتم إيكال المهمة الاستخبارية (مراقبة الحسابات والشركات وتطبيق العقوبات)، للإماراتيين، بالاستفادة من منظومة التبادل التجاري بين لبنان والإمارات. الأخبار