البدائل والإستراتيجيات لتحسين سبل العيش في سورية قرفول: تحسين سبل المعيشة مشروع ليس صغير ومتوسط ولا مجموعة قوانين وسياسات اقتصادية
عقد مركز دمشق للدراسات والأبحاث «مداد» أمس ندوة لمناقشة ورقة بحثية نشرها في وقت سابق حول تحسين سبل العيش في سورية البدائل والإستراتيجيات، أعدّها الدكتور مدين علي حيث بيّن رئيس مجلس مفوضي هيئة الأسواق والأوراق المالية عابد فضلية أن للحوكمة أهمية كبيرة، فكلما كان هناك جزء كبير من الاقتصاد محوكم، كانت هناك ثقة كبيرة فيه، ما يزيد من حجم الاستثمارات الداخلية، مشيراً إلى ضرورة إصلاح القطاع العام، بالإضافة إلى أن يكون جزء من هذا الإصلاح بالتشاركية الحقيقية بما في ذلك تغير شكل المؤسسات إلى شركات مساهمة عامة يمنح بموجبها العمال العاملين جزءاً من الأسهم ليعتادوا على الشكل المؤسساتي. بدوره اعتبر نائب حاكم مصرف سورية المركزي حازم قرفول تحسين سبل المعيشة؛ مشروع ليس صغير ومتوسط، وليس مجموعة قوانين وسياسات اقتصادية، بل هو نتيجة تراكمية للإجابة على أسئلة كثيرة ولحسم الكثير من الخيارات، مشيراً إلى ضرورة حسم الخيارات لموضوع التنمية، مبيناً أن إمكانياتنا الحالية لا تسهم بأكثر من 10 بالمئة من تكلفة إعادة الإعمار، متسائلاً عن كيفية تأمين التكلفة، معتبراً أن المفتاح الأساسي للتنمية هو تحديد شكل الاقتصاد السوري، فنحن اليوم بحاجة إلى قطاع خاص قوي لا قطاعاً هزيلاً ولا أشباه مؤسسات. من جانبه بيّن نائب المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية كنان ياغي أن 65 إلى 70 بالمئة من السكان في سورية هم سكان غير آمنين غذائياً، مشيراً إلى أن التدهور المعيشي يعود إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي، والمتهم الأول هو تدهور سعر الصرف بالإضافة إلى العجز الكبير في الموازنة العامة. واعتبر ياغي أن إصلاح النظام الضريبي لا يمكن أن يكون على المدى القصير وإنما يحتاج إلى فترة زمنية طويلة، مشيراً إلى ضرورة تحسين واقع الخدمات في مجال السكن والنقل، لافتاً إلى ضرورة وجود ورقة سياسات تتضمن ما يمكن فعله على المدى القصير حالياً. الاقتصادي منير حمش أكد أولوية إعادة النظر بإستراتيجيات التنمية والتي تعتبر الأساس في أي دراسة، مبيناً أن الكثير من الدول التي تمر بحروب تراجعت هياكلها الاقتصادية والتغير لا يكون فقط في السياسات بل يجب أن يكون هناك تغير أيضاً في العقول وطريقة التفكير المنفذة لهذه السياسات. ولفت أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور رسلان خضور إلى أننا بحاجة إلى إصلاح النظام الاقتصادي بشكل كامل ومنه النظام الضريبي، وعندما لا نتحدث ضمن هذ الإطار فنحن أمام مشكلة كبيرة، مشيراً إلى ضرورة إتاحة الفرص أمام الناس، وكل من يقول لا توجد موارد مخطئ. الباحثة الاقتصادية الدكتورة رشا سيروب أشارت إلى ضرورة ضرب الفساد والاحتكار للوصول إلى التنمية، وبينت أهمية تحقيق التنمية لا الغاية هي قطاع عام أم خاص، إذ لا بد من تأمين فرص العمل للحفاظ على كرامة الإنسان. بدوره أكد معاون مدير السياسات الزراعية في وزارة الزراعة محمود ببيلي ضرورة تأمين وسائل العيش للمناطق المحررة قبل الحديث عن سبل تطوير وسائل العيش، مشيراً إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخاصة في فترات الحروب، هي نقطة الانطلاق للبدء بالعملية التنموية، فهي المحرك الرئيس من محركات اقتصاد التنمية. وأشار أستاذ العلوم السياسة بجامعة دمشق كريم أبو حلاوة إلى ضرورة أن يحافظ النظام التنموي على التحليل الاقتصادي والجدوى الاقتصادية والجانب الاجتماعي أيضاً، مبيناً أن زيادة كتلة الفقر والتهميش الاجتماعي يؤديان إلى الوصول إلى تهديد فوق اجتماعي، مشيراً إلى أن تحسين الرواتب والأجور لا يلغي مسألة تحسين ظروف معيشة المهن والحرف والأعمال الأخرى. وفي معرض رده على المداخلات بيّن الباحث مدين علي أننا في مرحلة انتقالية ستطول لأن هناك الكثير من المتغيرات التي لها علاقة بصياغة المشهد النهائي لسورية لم تنكشف بعد، معتبراً الحديث عن هوية وإستراتيجيات اقتصادية مبكر، مبيناً أن الحديث عن إصلاح القطاع العام منذ 30 عاماً يتكرر ذاته، واليوم البرنامج الإصلاحي الخاص به غير واضح حالياُ، فاليوم هناك مشكلة في توظيف القطاع العام والأهداف الإستراتيجية المطلوبة منه، فالقطاع العام لا يجب أن يكون قطاعاً لتصريف الأزمات الاجتماعية وهذا مرفوض في الاقتصاد، لأن القطاع العام هو قطاع اقتصادي، والنجاح فيه سينعكس على المستوى الاجتماعي ومعيشة الأفراد، منوهاً بأن القطاع الخاص مهم وضروري، لكن المشكلة ليست في نقص الموارد فقط، وإنما في إدارة الموارد، وخاصة أن موضوع إدارة الموارد في سورية يتم بطريقة غير عقلانية. الوطن