مبارك حرا طليقا وبريئا؟! وداعا .. ثورة مصر ..
مبارك حرا طليقا وبريئا؟ انها نهاية مأساوية لواحدة من اشرف الثورات في تاريخ مصر والمنطقة ضد الفساد والطغيان ومصادرة الحريات.
استعادة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك لحريته، وعودته الى منزله بعد صدور قرار نهائي بتبرئته من مسؤوليته عن مجزرة قتل 850 متظاهرا من قبل محكمة النقض، يشكل نهاية مأساوية للثورة المصرية المشروعة ضد نظام حكمه الديكتاتوري الفاسد، الذي جثم على صدر المصريين الطيبين اكثر من ثلاثين عاما.
الرئيس مبارك، وعلى مدى ست سنوات، حظي بمحاكمة من سبع نجوم، وكان يقيم في جناح في المستشفى العسكري، واصبح أولاده، وجميع نجوم نظامه القمعي احرار طلقاء، بينما رموز الثورة المصرية، وأول رئيس منتخب محمد مرسي يقبعون خلف القضبان، يقضون عقوبات سجن مدى الحياة، والبعض منهم يرتدي ملابس السجن البرتقالية انتظارا لتنفيذ احكام بالإعدام صدرت بحقهم.
امر مؤلم ان تصدر احكام بالبراءة برئيس ثار عشرات الملايين من شعبه ضده، وبرجال امن اطلقوا النار بتعليمات منه، ووزير داخليته الحبيب العادلي، بقتل المتظاهرين “السلميين” الذين كانوا يطالبون بالعدالة والحريات ولقمة العيش المغموسة بالكرامة.
لن يزدحم ميدان التحرير في قلب القاهرة مرة أخرى احتجاجا على هذا الحكم المسيس بتبرئة رموز القمع والفساد، لان هذا العمل المشروع الذي كان متاحا في العهد السابق، بات خطا احمر ممنوع اختراقه في العهد الجديد.
نظام الرئيس حسني مبارك لم يغادر السلطة، وان كان قد غير جلده فقط، وحتى رموزه، ورجال اعماله الذين سرقوا عرق الشعب المصري، وتاجروا به، وكونوا ثروات هائلة، بينما يتضور هذا الشعب جوعا، عادوا الى الواجهة اكثر قوة وفسادا، وشراسة في امتصاص دماء هذا الشعب، ونهب ثرواته.
شعار الثورة المصرية المباركة “عيش وحرية وعدالة اجتماعية” تبخر، ومن يتجرأ على ترديده يدرك جيدا ان مصيره السجن، والتهم جاهزة، فالأحكام العرفية ما زالت سارية المفعول، بصورة او بأخرى، ومحاكمها جاهزة دائما للتعاطي بقبضة حديدة بكل من يعيد التذكير بعصر الثورة وأدبياته.
نعترف في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان هناك حنينا في بعض الأوساط المصرية، لعهد الرئيس حسني مبارك، وغفرانا لبعض خطاياه، ولكن مردود هذا الحنين يعود الى سوء الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع غلاء المعيشة والتضخم، وتفاقم معدلات البطالة والخوف من الأسوأ.
اليوم.. انطوت صفحة مشرفة من تاريخ مصر، بتبرئة رموز الفساد والقمع، ومصادرة الحريات، واهانة الشعب المصري الطيب الصبور الذي ثار ضدها، بل ومعاقبته ورموزه لتفجيره هذه الثورة، تطلعا لفجر جديد من العزة والكرامة، والعدالة الاجتماعية.
وداعا.. ثورة مصر.. والرحمة لكل شهدائها.