خمسين عاماً لمجلة أسامة رغم المعاناة
من شبّ على شيء شاب عليه. التربية هي النواة الحقيقية للانطلاق أولا إلى مشوار الحياة ومن ثم الحضور في المجتمع وممارسة عاداته وتقاليده وجميع طقوسه في السلب والإيجاب، كأن نقول مثلاً في حبّ التعلّم والمعرفة أو الاكتفاء بالجهل والتخلف، أو بالانطواء حول النفس ومعاشرة بني الإنسان بكل احترام، أو مع تقبّل الآخر واحترام خصوصيته وحريته الشخصية. هذه كلّها مبادئ بسيطة وليست بمعقدة ولكن نحن البشر من نعقدها. وعلى ذكر البساطة أجيال وراءها أجيال تربت وكبرت وتبنّت ثقافة أدبية، فكرية، علمية، فنية لمدة ستصبح عما قريب خمسين عاماً. نعم.. إنها مجلة أسامة التي أسسها كبار شخصيات الأدب والفكر والفن السوري ساعين بكل حب، باذلين كل تضحية بالعطاء أن يكون طفلنا السوري طفلاً واعداً بالمستقبل، أسماء قائمتها تطول وعلى سبيل الذكر لا الحصر في المجال الأدبي والفني: سعد الله ونوس، سليمان العيسى، عادل أبو شنب، حامد حسن، دلال حاتم، ممتاز البحرة، نذير نبعة، يوسف عبدلكي، أسعد عرابي، غسان السباعي، ولجينة الأصيل. اليوم مع تأزم الوضع النفسي والعاطفي والتربوي إضافة للوضع الثقافي لطفلنا السوري، هؤلاء المبدعون وأصحاب التجارب الفردية، ما الذي كانوا سيقدمونه لطفلنا الذي يحمل عبء المستقبل، يا ترى عمَّ ستتحدث قصصهم وقصائدهم وسيناريوهاتهم مع رسوماتهم وألوانهم في المجلة، وهل بها كان سيتوازن الطفل من جديد ويواكب كلّ صنوف الحياة، أسئلة كثيرة أثرناها وأثارها رئيس تحرير مجلة أسامة قحطان بيرقدار في حوارنا، وإليكم المزيد. بداية ما الذي اختلف في مجلة أسامة عما كانت عليه في السابق؟ مجلة أسامة مجلة سورية عريقة، يعود تأسيسها لعام 1969، ومن حسن الحظ أن من قام بتأسيسها مجموعة من الأسماء السورية العملاقة، سواء في الأدب أم في الرسم والتلوين، منهم سعد الله ونوس كرئيس تحرير للمجلة، والكاتب عادل أبو شنب، والفنانون التشكيليون ممتاز البحرة، لجينة الأصيل، ونذير نبعة. هذه المجموعة كرّست عطاءها للأطفال بدافع الحب، بعيدين من الاكتفاء بفكرة أنهم يعملون لمجرد العمل لإصدار مجلة للأطفال. إذا هذا الإخلاص وهذا الحب خدم المجلة بشكل كبير وعميق، بحيث مكّنها من أن تستقطب شعبية كبيرة لدى الأجيال القديمة، وعلى الرغم من تطور وسائل التكنولوجيا والمواقع الإلكترونية، وحتى هذه اللحظة جمهور «أسامة» القديم هو على تواصل مع المجلة، ويطالبوننا دائما بنشر الأعداد القديمة، وهذا إن دلّ على أمر فهو يدل على الحالة الحميمية التي استطاع أن يخلقها هؤلاء المؤسسون القدماء مع أطفال ذاك الجيل. وأظن أن الأجيال المتتالية لم تخلق هذه الحالة الخاصة. هذا إضافة إلى أنه في السنوات الأخيرة، لم يعد بإمكان المجلة الوصول إلى كل الأطفال، فالأعداد قليلة، ولكن ومع ذلك الشريحة الصغيرة التي تصل إليها، سواء من خلال التواصل المباشر مع المجلة أم من خلال الصفحة المخصصة لها على الفيس بوك، يشعرنا بأن حالة الجذب والمتابعة للمجلة مازالت موجودة وهي أمر مرغوب، في حال توافرها. إذا هذا الكلام يمكننا من القول: إن المجلة لم تفقد بريقها بشكل كامل، إنما الظروف هي المقيّد الأكبر لانتشارها؟ بالطبع.. الظروف أثّرت بشكل كبير، ويمكن أن يكون الظرف مثلاً مربوطاً بالاهتمام، وخاصة أن سعرها هو خمسون ليرة، وفي الحقيقة هو مبلغ بسيط جداً مقارنة بالكلفة من حيث الإنتاج والطباعة والتوزيع وغيرها من الأمور. ما المقصود بأن الظرف مربوط بالاهتمام.. هل تقصد به اهتمام الأهل أم نوعية النصوص، أم الرسوم والألوان؟ تماماً.. وحتى أكون موضوعياً وشفافاً فلقد لاحظت بأن هناك انجذاباً من الأطفال وتفاعلاً تجاه المجلة، ولاسيما أننا ننشر إبداعات الأطفال على صفحات المجلة سواء من قصص أم كتابات أو حتى رسوم، والنقطة الأهم التي تحتاج إلى بحث وإعادة نظر ويمكن أن نربطها بالاهتمام، هي نقطة التوزيع، أي إيصال المجلة إلى أكبر شريحة ممكنة من أطفال سورية، هذه الفكرة وشعار «مجلة أسامة بيد كل طفل سوري» بالوقت الحالي وفي ظل الظروف الراهنة لا يمكن تحقيقها، على الرغم من أننا دائماً نضع خططاً، ومنها مثلاً التشبيك مع وزارة التربية بحيث يكون هناك إمكانية لإيصال المجلة للمدارس كلّها. أو أحياناً عن طريق الأنشطة التي نقوم نحن بها بشكل شخصي، حيث لا نفوّت أي دعوة سواء في المراكز الثقافية أم نوادي الأطفال ونقوم بتوزيع المجلة وأيضاً التعريف بها، كي تصل قدر الإمكان إلى كل طفل يمكن أن نلتقيه. على سيرة التشبيك مع وزارة التربية.. الموضوع ليس بهذا القدر من التعقيد مادام سعر المجلة 50 ليرة سورية، فما على المدارس إلا إيصال القوائم بأسماء التلاميذ الراغبين في الحصول على المجلة.. ما تعقيبك؟ هنا يجب أن ننطلق من عدد النسخ التي تُطبع، في الوقت الحالي نحن نطبع قرابة ثمانية آلاف نسخة شهرياً، هذا الرقم قليل، ولكن يعتبر رقماً جيداً قياساً بالظروف التي تتعرض لها بلدنا. كما أحب أن أنوه بأن الكثيرين كانوا يظنون بأن مجلة أسامة ستتوقف خلال السنوات الماضية، ولكن المجلة لم تتوقف أبداً في سنوات الأزمة- ولو كانت الأعداد قليلة- ونحن نحاول بالقدر المستطاع أن تستمر المجلة- بل سنبقى مستمرين- وأتمنى في الأيام القادمة أن تتحسن كل الظروف وأن نتمكن من زيادة الأعداد المطبوعة بحيث تصل المجلة ليد كل طفل سوري. هل ستحققون شعار «مجلة أسامة بيد كل طفل سوري»؟ نعم.. هذا الشعار منه ننطلق بخططنا وأهدافنا وحتى طموحاتنا ونسعى دائماً لترجمته على أرض الواقع. حسب كلامك… النسخ المطبوعة يتم توزيعها كلّها؟ أكيد.. سواء على المراكز الثقافية من خلال مديريات الثقافة، أم من خلال المكتبات عبر المؤسسة العامة للمطبوعات التي هي تتولى موضوع التوزيع. وهنا أحب أن أشير إلى أننا نحن العاملين في المجلة وعلى الرغم من أن التوزيع ليس من مهامنا إلا أننا نحاول دائماً وضع خطط واقتراحات ونرفعها للهيئة العامة السورية للكتاب، كي نتمكن من الخروج من أزمة التوزيع قدر الإمكان، ومن الخطط التي نسعى إليها جادين كما ذكرت أعلاه التشبيك مع وزارة التربية. هنا خطرت ببالي فكرة.. لماذا لا يكون في المدارس وضمن المنهاج الدراسي حصة أسبوعية أو لنفترض شهرية تحت اسم «اقرأ من أسامة» يديرها شخص تقومون بإرساله حيث يقوم بالتعريف بالمجلة خلال توزيعها والمناقشة بمواضيعها؟ الأمر وارد ضمن موافقة وزارة التربية، إذ لا يمكن دخول المدارس إلا بعد الحصول على موافقة من التربية. الأمر يحكمه روتين تسلسل اتخاذ القرارات. ومن المتابعة لنشاطاتكم الشخصية نجد أن الجهود الفردية في شق التوزيع كفتها الراجحة؟ بصراحة نحن نعتمد على الجهد الشخصي بشكل أكبر، وعلى سبيل المثال كنت مشاركاً في مهرجان شعري في طرطوس، فانتهزت الفرصة وتواصلت مع إحدى المدارس هناك وقمت بتوزيع مجلة أسامة على الأطفال. بنظري الأمر جيد لأنني حصلت على تعريف بالمجلة. هذا ونحن لا نوفر أي نشاط وغالبا ما يكون لدينا في الشهر الواحد ثلاثة أنشطة كالذي قمت به في طرطوس، حيث نقيم لقاءات مع الأطفال في أي مكان ونجتمع معهم ونوزع عليهم المجلة. كيف تستقطبون الأطفال الموهوبين في التأليف أو الرسم وتتواصلون معهم لنشر مواهبهم في المجلة؟ في كل عدد من مجلة أسامة لدينا بطاقة بريدية مقسمة إلى أقسام، وكل قسم مخصص للموهبة عند الطفل سواء أكان يحب الرسم والتلوين أم الكتابة، هذه البطاقة يتم إرسالها عبر البريد، ومن خلالها نحن ندرس المشاركات، وننشر في كل عدد، حيث لدينا صفحتان وأحياناً ممكن أن نتجاوزها لتصبح أربع صفحات تحت اسم بريد الأطفال، وننشر فيها مشاركات الأطفال بالكتابة، هذا ولدينا قسم ثان اسمه فنانو المستقبل، ننشر خلاله لوحات الأطفال التي يقومون برسمها. وأضيف على وسائل التواصل مع الأطفال الموهبين بأن هناك تفاعلاً كبيراً عبر صفحة المجلة على الفيسبوك، حيث يراسلونا من خلالها، وأحياناً أخرى الأهالي يجلبون لنا باليد مشاركة أطفالهم، وكذلك عبر أنشطتنا نعلن للأطفال بأن كل طفل موهوب يمكن أن يشاهد أعماله منشورة عبر صفحات المجلة المخصصة. ماذا عن الأطفال ذوي الإعاقة.. هل لهم جانب من الاهتمام في المجلة.. وحتى من ناحية دمجهم في المجتمع؟ بالتأكيد ونحن نحاول عبر العديد من التجارب التي ننشرها، حيث نقوم بمعالجة بعض المواضيع المتعلقة بالأطفال ذوي الإعاقة، مع طرح الحلول بكيفية التعامل معهم من الأطفال والأهل، وذلك يكون عبر القصة أو السيناريو، وعلى سبيل المثال كنّا في شهر آذار الماضي قد نشرنا قصة تعالج مرض التوحد، ومن خلال القصة أوضحنا للطفل السليم ما معنى مرض التوحد وكيف يمكننا التعامل مع الأطفال المصابين، وبالطبع عالجت الكاتبة ميس العاني القصة بذكاء وشفافية، حيث شبّهت الطفل الذي يعاني التوحد بأنه طفل محاط ببلورة من الكريستال، وألهمت الطفل السليم بأن يقوم بعدة أنشطة أمام الطفل المصاب، كي يستطيع اختراق البلورة ومن ثم التركيز على النشاط الذي يثير انتباه الطفل الموجود داخل البلورة الكريستالية. الأزمة خلّفت طفلاً سورياً متأزماً جسدياً، نفسياً، فكرياً، عاطفياً، وأخيراً ثقافياً… كيف أسامة سترمّم صدوع وجروح هؤلاء الأطفال؟ بسبب الأوضاع النفسية التي يعانيها الأطفال والتي نتجت عن سبع سنوات الأزمة، نحاول عبر صفحات المجلة ألا نمارس على الطفل أي نوع من التدجيل، أو الشعارات، بل نحاول أن ندخل إلى نفوسهم البهجة والمتعة والفرح، بمعنى أن نكون رسل فرح للطفل، ولكن بالوقت نفسه وبطريقة غير مباشرة نوضح له ما أسباب الأزمة، ونركز على قيمة الوطن، والإنسان والعديد من المفاهيم الإيجابية، وهذا كلّه بعيداً من التلقين أو المباشرة به، وطبعاً نحن مصرون على أن يكون أي عمل في طياته رسالة تربوية، وأركز نحن نوصل القيمة التربوية ونقدمها كما أسلفت بطريقة غير مباشرة، بعيداً من الوعظ والإرشاد، من خلال أسلوب بسيط شفاف. كنت صرحت سابقا بأن المجلة تفتح أبوابها للمبدعين الشباب.. ولكن التعاطي مع الطفل يحتاج إلى خبرة وحذر كبيرين.. السؤال: كيف هي النصوص المقدمة من الشباب وهل هي واعدة بالأمل والمسؤولية؟ مما لا شك فيه أن الأزمة أثرت أيضا في كل من يعمل بالمجلة، وكانت مسببا لأن يبتعد الكتّاب عن الكتابة أو يسافر بعضهم، ومن هذه الأسباب انطلقنا للتوجه نحو الشباب، وخاصة لأننا وجدناهم الأقرب في التعبير عن وجدان الطفل الحالي، وأحب هنا أن أشير إلى أن الفنان التشكيلي ممتاز البحرة عندما بدأ الرسم بالمجلة كان عمره أربعين عاما، مما يعني أنه كان شابا وقتها. وأضيف إنه وللأسف الشديد هناك بعض الكتّاب القدامى في مجال الطفل، مازالوا يخاطبون في كتاباتهم طفل السبعينيات والستينيات، ولكن طفل عامنا الحالي لن يفهم على طريقتهم، بالطبع باستثناء بعض الكتّاب الذي يمتلكون الوعي بمواكبة الطفل بكل الأجيال. ومن خلال المتابعة والإطلاع لاحظنا أن هذه البذرة موجودة عند الكتّاب الشباب وهي تحتاج إلى رعاية واهتمام، ومجلة أسامة هي خير حاضن لهذه المواهب، وبالطبع لدينا هيئة تحرير مختصة، سواء في المجال الأدبي أم المجال التربوي، وعندما تتوافر الشروط المطلوبة بالأعمال المقدّمة نقوم بنشرها لتكون خطوة في تشجيعهم في مشوارهم الكتابي. ولكن الأجور غير مشجعة وهي أيضا سبب لهجرة القلم السوري إلى الخارج؟ بالفعل هذا ما يحصل، الأجور لا تناسب جهدهم المبذول-وهنا لابد من القول إن الرسم يتطلب جهدا ومالا أكبر لأنه يحتاج إلى مواد وألوان، ما يدفع الرسامين أيضا إلى الامتناع عن العمل في المجلة، ولكن في جانب الأديب الشاب على الرغم من واقع الأجور، إلا أنه ينظر إلى المجلة على أنها المنبر الذي يُبرزه في بداية مشواره الأدبي. كيف تتعاطى وزارة الثقافة مع هذا الواقع؟ الأمر الذي كلنا نعترف به هو تدني واقع الأجور ليس مقارنة بما يتم دفعه في الوطن العربي، وحتى مقارنة بما يتم دفعه في دور النشر الخاصة، فنحن مازلنا ندفع بمستوى الأجر المدفوع نفسه ما قبل الأزمة من حيث الضآلة وعدم استيفائه لمتطلبات المعيشة، ولكن تجدر الإشارة إلى أنه منذ حوالى السنة والنصف تم رفع الأجور، بمساع مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور ثائر زين الدين، وبموافقة وزير الثقافة محمد الأحمد. صحيح أن رفع الأجور كانت نسبته ضئيلة ولكننا تخلصنا من السعر القديم. وهنا أؤكد أن ما يواجهنا في هذا الموضوع هو المعاناة الأكبر مع الرسامين، حيث يتطلب عملهم وجود أدوات وألوان، فضآلة الأجور تمنعنا من استقطاب رسامين مشهورين، مع أن الجانب البصري في المجلة مهم جدا. وفي النهاية يمكنني القول إن الأمور مازالت بخير، هناك بعض الكتاب الكبار الذين يقدمون إبداعهم للطفل السوري عبر المجلة، وكذلك هم من الشباب. أيضا مرة كنت ذكرت أن مقر المجلة ليس بمكان جاهز كي يكون بيتا للطفل، يأتي الأخير إليه كي يرسم ويكتب أو حتى يقرأ. ومما ألاحظه أنها مجرد مكاتب تتوافر فيها شروط تسيير العملية الإدارية وما إلى هنالك.. ما رأيك؟ في الحقيقة من هواجسنا أن يكون مقر المجلة مقرا مستقلا، بحيث نستطيع أن نخصص قاعة مثلا نستقبل بها الأطفال، وبالطبع هذا الأمر خاضع للظروف التي نحن نعيشها، فالهيئة العامة السورية للكتاب تبذل كل مجهود، ولكن بالفعل عند المقارنة مع مقرات مجلات الأطفال في أماكن أخرى في العالم، نجد البناء يشبه الصرح وفيه طاقم كبير ومتنوع حيث يحتضن العديد من التخصصات، بينما بالمقارنة، كادرنا بسيط لا يتجاوز خمسة أشخاص ودائما نحاول أن نقوم بمهام ولو لم تكن منوطة بنا، كي تصدر المجلة بأفضل شكل وبأفضل مضمون، ومع ذلك استطعنا أن نطوّع مقر المجلة كي يتوافق مع كل الظروف، حيث أقمنا عدداً من حفلات التكريم لبعض أسماء المؤسسين كالفنان ممتاز البحرة ولجينة الأصيل هنا في قاعة التحرير، وحتى بهذا الشكل المتواضع أقمنا معارض رسم وزارنا الأطفال والأهالي، إذاً نحن ننطلق مما هو متاح على أمل أن يكون هناك شيئا ما في المستقبل، وخاصة بأن المجلة ما زالت تحتفظ بأرشيفها القديم وبالأصول الورقية. ومما لا يمكن نكرانه أن كبار الأسماء في الرسم والكتابة مرّوا على أسامة وهذا يعتبر تراثا لابد من عرضه لكل مهتم سوء ممن تربوا على هذه المجلة من الصغار أو الكبار، ونقوم بإعادة نشره تباعا، وأضيف إنه ومن خلال المعارض في الجامعات أو مكتبة الأسد الوطنية يكون دائما قسم للمجلة تعرض أعدادها فيه مع منشورات مديرية الطفل، ونحن نحاول قدر الإمكان أن تكون المجلة حاضرة قدر الإمكان. لماذا لا نشاهد اهتماماً من وزارة الإعلام بالمجلة عبر برامج خاصة بالأطفال إذاعية وتلفزيونية تتحدث عن المجلة بحضورهم؟ هذا الأمر كي يتم يجب أن يكون هناك اتفاق بين وزارة الثقافة ووزارة الإعلام، من أجل تخصيص برنامج أسبوعي لمجلة أسامة على أحدى المحطات الوطنية، هذا الأمر نقوم برفعه دائما للوزارة مع كل الاقتراحات-و للأسف الشديد لم يتحقق-ولكن لا يمكننا أن ننكر أنّ الكوادر الإعلامية في البلد لا تقصّر تجاه مجلة أسامة من خلال الاستضافات والحوارات على معظم المحطات الوطنية للحديث عنها، وهذا أيضا على صعيد الصحافة الورقية كلها تتفاعل مع كل جديد تقوم به، حتى على سبيل مجرد خبر عن صدور العدد الشهري، وهذا برأيي أمر إيجابي. ولكن كل ما ذكرته لن يثير اهتمام الطفل الذي يحتاج إلى برامج تشدّه، وهذا ليس كافياً وخاصة أنه على سبيل المثال على الفضائية التربوية السورية أن تهتم بروافد وزارة التربية ووزارة الثقافة حتى وإن كان البرنامج أسبوعيا ومدته نصف ساعة؟ صحيح.. وتأكيداً للسؤال، نحن قدمنا برنامجا وقمنا بتقديم الفواصل والأقسام الخاصة بالمجلة، وسهلّنا عليهم الموضوع من حيث الإعداد ليكون هناك برنامج ليس أسبوعيا بل شهري، بحيث يدرك كل من يتابع القناة أن هناك مجلة أسامة للأطفال. والمجلة الوحيدة في الوقت الحالي، فقبل الأزمة كان هناك العديد من المجلات الخاصة- كلها أغلقت- ودائما ما يبعث في نفوسنا التصميم والأمل لتحدي الظروف بأن المجلة مشهورة على صعيد الوطن العربي، والدليل أن هناك الكثيرٍ من الطلاب في كليات الإعلام العربية يقدمون أبحاثهم عن مجلات الأطفال ويطلبون مني أعداداً من مختلف سنوات نشرها، هذا يدل على شعبيتها وقيمتها على المستوى العربي، وبالمقابل ما نطلبه نحن هو الاهتمام بها- ليس كوننا ككادر موجود- باعتبارها المجلة التي ربت العديد من الأجيال. نحن نسعى إلى تمكين اللغة العربية عند الأطفال حيث يتم تدقيق المجلة أكثر من خمس مرات، وعلى الرغم من وجود مدقق لغوي إلا أنني أقوم بتدقيقها بنفسي وخاصة أنني كنت أعمل سابقا مدققا لغويا، وهدفي كرئيس تحرير أن يصدر العدد من دون أي خطأ لغوي أو حتى مطبعي. أما بالنسبة للجانب التربوي ولدينا الأستاذة مها عرنوق، وهي خبيرة في المجال التربوي، وتقوم بمهمتها وخاصة أن الأديب في بعض الأحيان يغفل عن الجانب التربوي، وكذلك الأمر ينطبق على الجانب البصري. هل النسخة الالكترونية لمجلة أسامة قادرة على منافسة النسخة الورقية؟ بالتأكيد لا.. على الرغم من أننا نقوم بنشر مواد العدد بشكل صفحات على الفيسبوك، مع ذلك المتلقي يرغب في المجلة الورقية. هل يمكننا أن نقول إن الغرض من النسخة الالكترونية هو دعائي؟ تماما.. بغرض انتشار المجلة بشكل أكبر كي يلاحظ الجمهور وجودها ويعرف أنها ما زالت مستمرة، وعبر متابعة الصفحة نعرف أن العديد من المتابعين موجودين على الصفحة ومتفاعلين معها ولكنهم في الوقت نفسه يسعون بشكل دائم للحصول على الأعداد الورقية، لما تحتويه المجلة من أمور جاذبة للطفل ومنها التسالي التي يجب أن يقوم بحلها وغيرها من الأمور النفسية التي توطد العلاقة مع الكتاب كرائحة الورق وملمسه، في ظل ما نبذله من تطوير للمجلة من حيث نوعية الورق وجودة الطباعة والألوان، كي تكون مشابهة لما يُنشر في الوطن العربي. أما بالنسبة للقراءة الالكترونية فهي مشكلة تواجه كل المجالات وتتطلب منا السعي إلى التوعية بتشجيع الثقافة الورقية. ماذا حصل بمشروع الألبوم الالكتروني الناطق التفاعلي؟ هذا المشروع، كان في عام 2015 بفترة وجود رئيس التحرير السابقة ريم محمود، حيث ضم الألبوم الناطق بعضاً من أجزاء المجلة وتم تلحين بعض القصائد وغناؤها، وأقيم له حفل افتتاح بمكتبة الأسد، بحضور وزيري الثقافة والتربية في عام 2016 وكان كفاتحة خير بأننا سنستمر بالكتاب الالكتروني الناطق، ولكن لم تتكرر التجربة مع أسامة ، لأنها تحتاج إلى نفقات وتكاليف ولكن هذا لا ينفي حقيقة إصدار كتب الكترونية ناطقة للأطفال عبر الهيئة العامة السورية للكتاب، فمنذ حوالى أقل من سنة صدر ألبوم ناطق للشاعر سليمان العيسى، وبالعودة لأسامة هناك فكرة ضمن خطة عمل جديدة بأن يتم إصدار أعداد كملفات (PDF) لمجلة أسامة كاملة ومنذ تأسيسها حتى الآن على «سيديه» بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس المجلة. في الختام هل من كلمة أخيرة تختم بها حوارنا؟ بخصوص الطفل أحب أن أشير إلى موضوع جد مهم. الجهات المعنية التي تعمل بهذا الاختصاص، تعمل بشكل منفرد بعيدا عن أي عملية تكاملية. الطفل مشروع وطني وعلينا أن نؤمن بأنه هو المستقبل، ومن هنا ننطلق ونوليه كل اهتمام قبل أي شيء، ويخطر في ذهني سؤال: لماذا لا يكون لدينا هيئة عامة معنية بكل شي يتعلق بالطفل؟ ولكن وللأسف هذا الجانب مهمل تماما، وهذا لا يعني أن الجهات المعنية مقصرة بل هي تبذل كل جهد، ولكن في النهاية مجمل الأمور المتعلقة بالأطفال هي فوضوية ودائما التنفيذ يتطلب وقتاً طويلاً. الوطن