مداد: بلورة رؤية اقتصادية لضمان أمن الطاقة السورية لتتحول لمعزز للتنمية المستدامة
بيّنت دراسة اقتصادية حديثة لمركز دمشق والأبحاث والدراسات «مداد» أن سورية تمتلك فرصة لبلورة وتنفيذ رؤية اقتصادية تضمن أمنها الطاقوي والاقتصادي والمجتمعي، وتحويل قطاع الطاقة من معوق للنمو إلى معزز لتحقيق التنمية المستدامة. ودعت الدراسة التي حملت عنوان «مكون الطاقة كمحدد للنهوض الاقتصادي في سورية: المحاور الاستراتيجية» الموقّعة باسم الباحث الاقتصادي الدكتور زياد عربش؛ إلى تبني سياسات وإجراءات على المدى العاجل، تتضمن إعادة تقييم وترميم المنظومات الفرعية لكل مصدر من مصادر الطاقة، ومواءمة كل من إستراتيجية وزارة النفط مع إستراتيجية وزارة الكهرباء ضمن منظور الاقتصاد الكلي، ذلك على نحوٍ متوازٍ وفق تقييم محدّث وفعلي للأضرار الناجمة عن عمليات تخريب البنية التحتية لكامل قطاعات الطاقة، وإعداد دراسة قانونية لتشمل جميع التعديات التي حصلت على قطاع الطاقة ومن الجهات المسلحة الإرهابية والدولية كافة، ذلك لرفع ملفات المطالبة، وتثبيت الاختراقات وطلب التعويضات التي تحكمها المعايير القانونية والدولية. إضافة إلى وضع خطة متكاملة لرفع جميع الإجراءات المتخذة والعقوبات بحق المؤسسات والأشخاص السوريين، لأن عودة التمويل وتنفيذ المشاريع يتطلب رفع «العقوبات» وليس فقط الجبر والتعويض، إلى جانب صياغة نموذج العقد النفطي الجديد الذي سيعمل به مع الشركات الجديدة، أو تجديد وتفعيل العقود السابقة والذي يجب أن يأخذ بالحسبان المتغيرات النفطية الدولية والواقع السوري. كما دعت إلى المعالجة المكثفة لفواقد الطاقة ولكامل السلسلة بحسب الفروع، والسيطرة على الهدر بجميع أنواعه، وترشيد حقيقي لاستهلاك الطاقة واعتماد معايير الاستهلاك الكفُؤة، إلى جانب مواءمة مصادر العرض مع الطلب على كامل مشتقات الطاقة ولكل الاستخدامات (صناعة، زراعة، نقل، والقطاع السكني… إلخ)، ودراسة آثار الإحلال بينها، توازياً مع إعداد دراسة متكاملة حول أسعار مشتقات الطاقة ضمن منطق متطلبات إعادة الإعمار والكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، إذ لا ضير من تجميد مرحلي لعملية تحرير أسعار الطاقة، رغم مشروعيتها ريثما يقلع الاقتصاد ككل، وبحيث يتم اعتماد تسعير اقتصادي اجتماعي رشيد لمشتقات النفط والغاز والكهرباء ضمن متطلبات الاقتصاد السوري تحديداً. وطالبت الدراسة على المدى الطويل بإعادة تجهيز وتحديث الخريطة الاستثمارية النفطية والغازية (وولوج القطاع الخاص في مجال الكهرباء بحسب مبدأ التشاركية الفعال والشفاف) ليتم عرض البلوكات بصيغتها الجديدة (في اليابسة وفي المياه الإقليمية) على الشركات النفطية والدولية بحسب المصالح الوطنية العليا، وتعظيم منفعة سورية الجغرافية في المنطقة (مرحلياً مع العراق) ليس فقط كبلد عبور، بل تنويع مصادر الدخل والإمداد الطاقوي، بالترافق مع عقلنة استهلاك الطاقة كمكمن للنمو، أي استغلال جدي للإمكانيات الكامنة في محور حفظ وعقلنة استهلاك الطاقة. إضافة إلى تنفيذ سريع ومحفز لمشاريع الطاقات المتجددة (الكهروريحية والكهروشمسية بما لا يقل عن 400 ميغاواط) كأولوية ثانية مطلقة وقبل تمويل بناء محطات الفيول الجديدة، أي عَدّ الطاقات المتجددة (كموارد غير محدودة وغير مستغلة) قطاعات رديفة ومهمة لقطاع الطاقة التقليدي ورافعة للنمو والتشغيل والتنمية المستدامة والمتوازنة إقليمياً أيضاً، أي ليس فقط لتأمين الطاقة الكهربائية وتحقيق الاستقلالية الطاقوية وتخفيض فاتورة الاستيراد، بل توظيف العمالة ورفع النمو إقليمياً وكلياً. كما دعت الدراسة إلى إعادة التفكير في المنظومة الكهربائية بأكملها عن طريق دراسة الطلب الفعلي الحالي والكامن في السنوات القادمة، وإعادة هيكلة مؤسسات الكهرباء (التوليد والنقل والتوزيع) وإعادة إحياء مشاريع الربط الكهربائي. الوطن