الطفولة.. ألوان الفرح.. رسائل بالألوان لتعليم الطفل
الفن يبني شخصية الطفل لأنه وسيلة من وسائل التعبير والإفصاح عما في داخله من دون أي ضغوط تمارس عليه وتعمل على كبتها.. فالرسم في السنوات الأولى من العمر على الأخص هو بمنزلة رسالة للقائمين على العملية التربوية توضح ما يدور في حياة الطفل وفي دواخله الحسية الوجدانية إذا كان سلباً أو إيجاباً، وإيماناً بأهمية العناية بالطفل منذ صغره والمساعدة في تنمية مواهبه، أقام الملتقى التشكيلي ندوة بعنوان «الطفولة.. ألوان الفرح»، بالإضافة إلى معرض ضمّ لوحات للأطفال، بإشراف الفنان أكسم طلاع وذلك ضمن ملتقيات دمشق الثقافية في دورتها الثالثة، في رسوم الأطفال ومعانيها، بمشاركة ضحى الخطيب ورامز حاج حسين بما يتعلق بالفن في منشورات الطفل، وغادة حداد حول تجربة مرسمي في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة.
أطفالنا يستحقون الكثير
وبين المشرف على ملتقى التشكيل الفنان أكسم طلاع أن الندوة هي فرصة للنقاش والحوار بهدف إيصال ما يجب إيصاله للمعنيين وأصحاب القرار، وخاصة أن منتجين لرسوم الأطفال هم الذين يشاركون في الندوة، وهم أصحاب أدوات تؤثر في عقلية الطفل أمثال الفنانة ضحى الخطيب، والفنان رامز حاج حسين، وذلك إيماناً منهم بأن أطفالنا يستحقون الكثير، ويشكلون شريحة كبيرة والاعتناء بهم يعني تأهيل جيل يمكن الاعتماد عليه في بناء المستقبل.
الرسام السوري الأقل أجراً
وتحدث الفنان رامز حاج حسين إن فنان رسوم الأطفال يجب أن ينطلق في أساسيات رسم اللوحة من حيث التمكّن من الأدوات، وضبط الإيقاع اللوني والتعبيري، ومنها القدرة على إكمال الصورة في ذهنية الطفل، وألا تكون رسومه مجرد توثيق فوتوغرافي تفصيلي للنص وأن تحوي على نقاط عديدة لإكمال الوجبة الأدبية الفنية المقدمة للطفل، مبيناً أن من واجب الفنان إضفاء المفردات اللغوية والبصرية لما لها من أثر كبير في زيادة تألق القصة وفتح المجال لخيال واسع فيها، مع التركيز على أن تكون اللوحة بعناصرها المختلفة سهلة الفهم لأنها موجهة للطفل، وأن تكون واضحة الخطوط، والألوان بنسبة معقولة، ولا تنتهج نماذج التجريد والخيال المفرط في اللاواقعية مع النص.
وأوضح حسين وجود العديد من العقبات التي تمر بها الحركة الفنية الموجهة للطفل، والسبب الرئيسي برأيه هو غياب المنهج التدريسي في الجامعة والمعاهد المختصة، والثورة التي حدثت في استجلاب الرسوم الأجنبية التي تغير من هويتنا وشخصيتنا، مع انعدام وجود رقابة فنية عليها، فتكون بالنسبة للناشر أو المطبعة أقل كلفة من التعاقد مع رسام محلي لتنفيذ الرسوم، ويضاف إليها عدم تقدير جهد الفنان المعنوي مثل ذكر اسمه على الغلاف، أو تقدير تعبه مادياً من خلال الأجر، وهذا أصبح معروفاً أن فنان رسوم الأطفال السوري يتقاضى أجراً قليلاً بشكل عام قياساً مع غيره من الفنانين.
وأفاد حسين بضرورة وجود منهج اختصاصي في رسم الكتاب المصور، والرسوم المتحركة في كليات الفنون، والمعاهد الفنية المختصة، بحيث تتخرج كوادر جديدة تفهم اللوحة الطفلية، وفن الطفل، وترفد هذا الفن بالمواهب الجديدة، وإقامة ورش عمل دائمة وفاعلة للاستفادة من خبرات الفنانين المختصين في هذا المجال، والترويج للقصة المصورة، وإقامة المسابقات الخاصة بها، وتكريم الفنان العامل في هذا المجال من خلال إعطائه فرص عمل في الوزارات المعنية، وحفظ حقه المعنوي، ورفع المكافآت المالية المخصصة لهذا الفن لتشجيع المواهب الجديدة.
مدينة ملونة
أكدت الرسامة ضحى الخطيب أنها تفضل أن تكون لوحتها للكبار هي نفسها للصغار، أما مشروعها فهو تقديم لوحة يحبها الكبار ويستمتع بها الصغار، مع تفضيلها للوحة التي تزرع الابتسامة وتثير المرح، مفيدة أنها وقبل ثماني سنوات توجهت لفنون الأطفال إثر مشاركتها في معرض موجه للطفل وكان بمنزلة الانطلاقة والبداية التي فتحت لها باب الرسوم الموجهة للأطفال ومازالت إلى اليوم ترسم في كتب الأطفال ومجلة «أسامة».
وأضافت الخطيب أنها تحلم وفق شعار خاص بها بمدينة ملونة وليست مدينة أفلاطونية، والحلم الأكبر هو بلوحة للطفل بعيدة عن الكائنات الغريبة البشعة التي يتم الترويج لها والتي خلطت بين الخيال و«الأكشن»، مبينة أن هناك الكثير من الفنانين عززوا هذا الخلط والفرق بينهما كبير، مشيرة إلى أن رسامي الأطفال يجب أن يرتقوا إلى مستوى خيال الأطفال الواسع، لأن الأطفال لديهم قدرة كبيرة على التعبير عن أعمق الأفكار بأبسط الكلمات، وفي نهاية كلمتها قالت الخطيب إن: «من بنى الأهرامات وبرج ايفل كان فناناً، والاهتمام بالأطفال هو الذي سيخلق جيلاً قادراً على إعمار الوطن».
التنمية تبدأ بالأطفال
وفي تصريح خاص لـ«الوطن»: أكد المشرف الفني في مجلة أسامة الفنان رامز حاج حسين أن «فن الطفل الخاص برسوم الأطفال إن كان بالمناهج المدرسية أم بمجلات الأطفال لم يجد هذا الصدى وهذا الاهتمام، أي لدينا معاناة بالنسبة للرسامين وسنحاول أن نلقي الضوء على أهم هذه المشاكل وأن نجد حلولاً لكي نكون ايجابيين، والنقطة الأساسية التي ركزنا عليها هي دور اللوحة في التعبير عن النص، هل هي مكمل للنص؟ أو فقط مجرد عنصر فوتوغرافي؟ ما دور الفن من إخراج الطفل من هذه المعاناة التي يعيشها؟ ما أهمية الرسوم أو اللغة البصرية؟ ما أهمية اللون؟
وأضاف حسين «إننا نواجه مشاكل عدة مع الفنانين وأصبح عرفاً سائد أن الفنان السوري المختص برسوم الأطفال هو الأقل أجراً بالمحيط حوله وهذا ما يؤثر سلباً حتى في أدائه، مفيداً بوجوب الاهتمام بفن الطفل لأننا إذا أردنا أن نبني المجتمع نبدأ من الأسرة، وأهم ركيزة من ركائز الأسرة هو الطفل ومن هنا سأطلق شعار أن «التنمية تبدأ بالأطفال».
الوطن