بعد سورية... هذه وجهة "الجهاد" العالمي
في ظل زحمة مشاريع الحلول المقترحة للأزمة السورية، وفي ظل الحسم في قضية مكافحة اﻻرهاب واستئصال "داعش" تنشغل دوائر القرار في اﻻجهزة الأمنية المعنية بكيفية تعامل قيادة التنظيم مع الحملة التي بدأت تقدما ملموسا من الجانب العراقي، وهو ينسحب على الساحة السورية، وكذلك كيفية تعامل مجموعات المقاتلين اﻻجانب ووجهتها إذا ما ضاق الخناق عليها، وهي العنصر الضاغط على إمكانية التسوية في اﻻزمة السورية.
فلسوريا خصوصية معينة في هذا المضمار تختلف تماماً عن العملية الحاصلة في العراق، ليس لناحية ظروف الحرب اﻻهلية وتعقيداتها بل بطبيعة المجموعات المتطرفة المصنفة دولياً باﻻرهاب وأعداد المقاتلين اﻻجانب في المعادلة، خصوصا أن محافظة الرقة أو عاصمة الدولة اﻻسلامية المفترضة على موعد قريب مع هجوم عنيف ميدانيا في المدى القريب.
وفي حين تتعامل "جبهة النصرة" ومتفرعاتها من "جند اﻻقصى" و"حركة أحرار الشام" بواقعية شديدة لناحية محاولة فك اﻻرتباط مع تنظيم القاعدة وتلميع صورتها إعلامياً ، فإنها قامت بتغيير تسميتها "فتح الشام" كما كشف زعيمها أبو محمد الجولاني عن وجهه، غير أن التحول القائم ليس بالمهمة السهلة ويصطدم بواقع ميداني طالما أن اﻻمور ليست بهذه البساطة وﻻ تتعلق بالتسمية طالما أن هذا الفصيل المقاتل كان السباق بتجنيد واستقدام المقاتلين من دول آسيا الوسطى، وأعدادهم اﻻن ليست بالقليلة وهم من صلب أزمة المقاتلين اﻻجانب التي ترخي بثقلها على مجمل الواقع السوري.
ولعل المثال الصارخ في هذا المجال التطور الملفت في ريف إدلب الجنوبي في مدينة "حفسرجة" حيث قامت "النصرة" بهجوم عنيف للسيطرة على المدينة، ومن ثم قامت بتسليمها لتنظيم "المهاجرين"، وهو عبارة عن مجموعة من المقاتلين اﻻوزبيك، اﻻمر الذي يدحض إمكانية فك اﻻرتباط القائم بين "النصرة" سابقاً والمقاتلين اﻻجانب.
ثمة فرضيات مختلفة لوجهة المقاتلين اﻻجانب بعد العراق وسوريا تتراوح بين شبه صحراء سيناء أو العودة مجدداً نحو افغانستان، والتي تشي تقديرات أجهزة امنية بارزة بأنها لن تكون سوى توطئة للبحث عن ساحات "جهاد" جديدة في أرض الله الواسعة.