ضرائب لمصلحة «الكبار»!
لم يأخذ قانون ضريبة الدخل وتعديلاته بالتكليف الضريبي وفقاً للقدرة على الدفع، وبمراجعة لتطور القوانين الضريبية من عام 1949 ولغاية تاريخه. ويلاحظ أن الشريحة الأعلى للأرباح الخاضعة للضريبة قد تطورت خلال مراحل التعديل الضريبي بشكل طفيف مقارنة بمعدلات التضخم التي وصلت خلال سنوات الحرب لنسبة 510% رسمياً. فقد حددت الشريحة الأعلى بمبلغ 500 ألف ل.س عام 1949 لترتفع إلى 750 ألف ل.س عام 1956، لتصبح مليون ل.س عام 1991، وهي حالياً 3 ملايين ل.س، وذلك من العام 2003! بمراجعة تطور النسب المئوية للضريبة خلال تلك الفترة يتضح إما ثباتها لكل الشرائح أو تعديلها للأدنى مع زيادة الشريحة ما عدا القانون 24 لعام 2003 الذي كان أعلى بالشريحة الأخيرة، وبنسبة مضاعفة عن الشرائح القريبة منه، ولكن عدّل بالمرسوم 51 ليعيد ذات الحالة بانخفاض النسب لشرائح الأرباح الكبيرة، فكانت معدلات الزيادة عند صدور كل قانون جديد بالمتوسط 5% من عام 1949 ولغاية تاريخه. حدد المرسوم 51 لعام 2006 أعلى الشرائح بمبلغ 3 ملايين ل.س، ومن ثم تخضع الأرباح التي تتجاوزها لذات نسبة الضريبة (28 بالمئة)، وخفضت هذه النسبة للشركات المساهمة لتصل 14% فقط، وأعلاها شركات التأمين 25 بالمئة، وبناء على الأرباح التي تصرح بها الشركات ومعدلات التضخم تكون هذه الشريحة الأخيرة غير متناسبة مع ما تحققه الشركات الكبرى في القطر، وبالتالي فإن ربح 3 ملايين ل.س هو ربح وسطي لشركة فردية لا يتجاوز رأس مالها العشرة ملايين ليرة، وبالتالي فإن بعض الشركات قد تجاوزت أرباحها مئات الملايين وبعضها تجاوز الألف وبالتالي سوف يسدد ذات النسبة الضريبية (عدا الحسومات الأخرى التي منحها القانون للمنشآت الصناعية وفقاً لمكانتها وعدد المشتغلين فيها). إلى ذلك، يتبين عدم العدالة بمعاملة باقي المكلفين مقارنة مع كبار المكلفين، أما إذا كانت شركة مساهمة وتطرح أسهمها للاكتتاب العام فسوف تسدد نصف المعدل الضريبي 14بالمئة، وبشكل عام جميع الشركات انخفضت معدلاتها الضريبية بشكل كبير، ولم يتم ربط الضريبة بالدخل، وإنما ارتبطت بنوع الشركة، وهذا أكد إهمال المشرع الضريبي لربط التكليف بالقدرة على الدفع، رغم لجوئه للتصاعد الضريبي فخفض نسب التكليف على كبار المكلفين وزادت النسب على المتوسط والصغير منهم، وبتعديلاته الأخيرة أهمل الدخل كلياً واكتفى بنوع العمل مما يزيد فجوة العدالة بين المكلفين التي تؤثر سلبا بالعلاقة ما بين المكلف والإدارة الضريبية مما يزيد بالتهرب الضريبي وأثاره السلبية على موارد الدولة. الوطن