«شايفني هندي؟».. كيف سبقت الهند العرب الذين يسخرون منها عادًة
الأمثال العربية التي تطلق على الهنود عديدة ومتنوعة، لكن غالبها يحتوي على سخرية واضحة من شعب الهند الذي ينظر لهم العرب كشعب ذي درجة أقل في المستوى والذكاء. أشهر هذه الأمثلة هو ما يقوله العرب «ليه – شايفني هندي؟» في إشارة إلى الاستنكار من ظنك أني شخص غبي، أو يمكن الضحك عليه، واستغفاله. لكن يبدو أن العرب في الآونة الأخيرة أصبحوا غير قادرين حتى على مواكبة الهند، واكتفوا بالأقوال الساخرة، وتركوا لمن يسخرون منهم الأفعال التي جعلتهم يتفوقون على العرب علميًا واقتصاديًا وعسكريًا. تعتبر جمهورية الهند الآن واحدة من القوى العظمى الناشئة المحتملة في العالم، وتعزى هذه الإمكانية إلى العديد من المؤشرات، أهمها اتجاهاتها الديموغرافية، والاقتصاد سريع التوسع، وهو ما جعل الناتج المحلي الإجمالي للهند الأسرع نموًا في عام 2015 مع معدل نمو بمقدار 7.3%، وتحتاج البلاد إلى التغلب على العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، قبل أن يمكن اعتبارها قوة عظمى بالكامل، لكن هذا لا يعني أنها ليست دولة إقليمية قوية نجحت في التعامل مع إمكاناتها لتصل إلى مكانة عالمية متقدمة عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وعلميًا. أنت مدين إلى الهند منذ أن تدفقت موجات من الخريجين الهنود إلى وادي السيليكون في شمال ولاية كاليفورنيا الأمريكية في سبعينات وثمانينات القرن العشرين، حقق الهنود الموهوبون إنجازات كبيرة اخترقت الحدود؛ مما جعل الهنود يحتلون مناصب ذات سلطة في عالم التكنولوجيا ووسائل الإعلام. تقريبًا كل شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى لديها رواد تكنولوجيا من أصل هندي، فهل كنت تعلم أن العقل المخترع للـ«يو إس بي» (usb) ولتكنولوجيا التدوين هم من الهنود؟ في شهر فبراير (شباط) 2014، أصبح ساتيا نادلا الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، ليحل محل ستيف بالمر، الذي دفعه على الفور ليصبح في أعلى المراتب لشركات التكنولوجيا في العالم، لكن نادلا ليس بأية حال من الأحوال هو الهندي الأول الذي يصل لهذه المكانة العالية في مجال التكنولوجيا. من منا لا يستخدم عصا يو إس بي في حياته اليومية؟ من أبرز رواد التكنولوجيا المجهولين أجاي بهات، وهو مهندس أمريكي من أصل هندي في مجال الكمبيوتر، ينسب إليه الفضل في كونه الأب الروحي لهذا الاكتشاف المذهل الذي يستخدمه كل صاحب جهاز كمبيوتر في العالم الآن. ولد في عام 1957، وتخرج من جامعة مهراجا ساياجيراو بارودا في الهند، ثم ذهب إلى الولايات المتحدة؛ ليحصل على درجة الماجستير من جامعة مدينة نيويورك، قبل انضمامه إلى شركة إنتل في عام 1990. أصبح المهندس الرئيس لمنصة العميل بالشركة، وكان قبلها قد شارك في وضع المعايير الرئيسة التي أنتجت لنا «يو إس بي»، فضلًا عن العديد من المعايير الحاسمة الأخرى في هندسة الكمبيوتر؛ ليتحصل على 31 براءة اختراع في الولايات المتحدة. الرجل في الفيديو التالي هو بارودا، والذي حولته إنتل إلى نجم دعاية: لا يقتصر الأمر على هذا فقط، إذا كنت تعمل بأحد حواسيب نظام ويندوز، فهناك احتمال كبير أنك تستخدم أحد معالجات إنتل الشهيرة المعروفة باسم بانتيوم. الأب الروحي وراء اختراع هذا المعالج هو الهندي الأصل، فينود دهام، الذي ولد عام 1950، وتخرج في قسم الهندسة الكهربائية من كلية دلهي للهندسة، ثم انتقل في وقت لاحق إلى الولايات المتحدة وحصل على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية في جامعة سينسيناتي في عام 1977. تخصص دهام في مجال إلكترونيات الحالة الصلبة – التكنولوجيا التي تقوم عليها عملية التخزين الموجودة في كل هاتف ذكي وكمبيوتر لوحي، وكذلك العديد من أجهزة الكمبيوتر المحمولة. شارك في اختراع أول تقنية إنتل لذاكرة فلاش، قبل أن يرتفع إلى رتبة نائب رئيس قسم المعالجات الدقيقة. يذكر أنه كان من بين المنافسين للهندي ناديلا المرشحين لمنصب الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، الهندي سوندر بيتشاي، وهو حاليًا الرجل الذي يشرف على أنظمة أندرويد وكروم والتطبيقات في جوجل. حصل بيشاي على شهادة في التكنولوجيا من المعهد الهندي للتكنولوجيا في خاراغبور، قبل أن يحصل على درجة الماجستير من كل من: جامعة ستانفورد، وجامعة بنسلفانيا. عمل بيشاي في شركة تكنولوجيا المواد التطبيقية، وشركة الاستشارات ماكنزي، قبل انضمامه إلى جوجل في عام 2004، وهناك قاد في البداية عمليات تطوير برمجيات الشركة، بما في ذلك متصفح كروم، ونظام تشغيل كروم، ودرايف، وجيميل، والخرائط. كما أعلن عن صيغة فيديو مفتوحة المصدر من جوجل، وهما VP8 وWebM في عام 2010. خدمة ويب أخرى رائدة نشأت على يد أحد الهنود، خدمة بريد هوتميل، التي أوجدت من قبل أحد مواهب التكنولوجيا الهندية الذي هاجر إلى الولايات المتحدة في ثمانينات القرن العشرين، صابر باتيا. عمل باتيا لفترة وجيزة لشركة آبل كمهندس أجهزة، قبل الانتقال إلى شركة أنظمة فيريبور، حيث صدمته حقيقة أن برنامج ما كان يمكن الوصول إليه على شبكة الإنترنت من خلال متصفح، والتي ولدت فكرة البريد الإلكتروني في المتصفح. شارك باتيا مع زميله، جاك سميث، في إطلاق هوتميل في عام 1996، والتي أصبحت واحدة من أكبر مزودي خدمات البريد الإلكتروني في العالم، وتم شراؤها من قبل مايكروسوفت في عام 1998. في عام 1999، غادر باتيا مايكروسوفت وأسس شركة للتجارة الإلكترونية، أرزو إنك، قبل البدء في خدمة الرسائل المجانية التي تسمى جاكسترسمز. المميز في الأمر أن الأسماء المذكورة هنا لا تمثل حالات استثنائية للهنود الذين نجحوا خارج البلاد، كما قد يقارن بعضنا بالعرب المتفوقين في الخارج، لكن هؤلاء مجرد قمم لجيوش كبيرة من الهنود الذي يكتسحون عالم التكنولوجيا بشكل واضح، وهو ما تسبب في تسوُّد عدد منهم قمة عمالقة شركات التكنولوجيا العالمية. القوة النووية في السلم والحرب لو تركنا الهنود كأفراد، وذهبنا إلى الهند كدولة: تفوقت الهند على كافة الدول العربية بحصولها على السلاح والتكنولوجيا النووية منذ خمسينات القرن العشرين، بينما لا تمتلك أية دولة عربية التكنولوجيا النووية، سواء على المستوى العسكري أو السلمي.