قد تكون بعض العادات غريبة بالنسبة إليك أو لشخص لا ينتمي لتلك الثقافة، إلا أن عدم الالتزام بها قد يشكل مشكلة أو يقدم فكرة سيئة عنك. فهل تعرف هذه العادات؟
اليوم سأفتتح معكم هذه السلسلة المبنية على تجربتي الشخصية في الدراسة في إسبانيا، ضمن برنامج دولي يضم طلاباً من كل أنحاء العالم، وما تعلمته منهم، بمقال يتحدث عن أغرب العادات الاجتماعية التي تعرفت عليها، هيا بنا!
1. إياك والعبث بالطعام الإيطالي:
الطعام يعني الكثير للشعب الإيطالي فهو سر السعادة والبهجة وسبب لاجتماع العائلة والأصدقاء معاً، والطعام الإيطالي تحديداً هو مصدر فخر لمعظم الإيطاليين بثقافتهم ونمط حياتهم الاجتماعي. لذلك يعتبر العبث بالطعام الإيطالي –في بعض الأحيان، سبباً لإنهاء تواجدك مع صديقك الإيطالي على مائدة إيطالية واحدة.
ولكن ماذا نعني بالعبث هنا؟ حسناً قد يكون ما يسمى بالعبث بالنسبة للإيطاليين أمراً طبيعياً بالنسبة لك ولكثير من سكان هذا الكوكب. إلا أن الطليان –بمعظمهم كلاسيكيون جداً فيما يتعلق بالطعام وقد لا يتقبلون وضع الكاتشاب أو الأناناس أو غيرها من الصرعات التي روجتها مطاعم الوجبات السريعة على فطيرة البيتزا مثلاً، وقد لا يتقبلون فكرة تناول الباستا مع الكاتشاب ..إلخ.
يعتبر ذلك مقرفاً بالنسبة للعديد منهم، لذلك أنصحك في حال ذهبت بصحبة صديق إيطالي لتناول الطعام، وكنت غير قادر على تناول البيتزا دون كاتشاب، أن تختار وجبة أخرى لتأكلها.
الجدير بالذكر، وبحسب ما أخبرني أصدقائي الإيطاليين ”آريانا وفيدريكو“، أن العديد من الأسماء الشهيرة عالمياً بمجال البيتزا مثل بيتزا هات وودومينوز بيتزا لا تحظى بشعبية في إيطاليا، وقد لا تجد أفرع لهم في بعض الأماكن في إيطاليا.
2. حيي الجميع فرداً فرداً وبقبلة واحدة في الأرجنتين:
الشعب الأرجنتيني من أكثر الشعوب وداً ولطافة، كما أنهم يتمتعون غالباً بحس اجتماعي عالٍ للغاية، يقدر الأرجنتينيون قيم الود والصداقة كثيراً ويعلون من شأن أصحاب السلوك الودود واللطيف والاجتماعي كثيراً.
تقول صديقتي الأرجنتينية ”نتالي“: ”السلوك الودود واللطيف هو تذكرة العبور لقلب أي أرجنتيني، كما أنه أكثر أهمية من السيرة الذاتية والجدية والالتزام بالنسبة للأرجنتينيين في مقابلات العمل“، ولعل أحد أكثر أساليب إظهار السلوك الودود في الأرجنتين هي أن تحيي أي شخص تلتقي به أو تتعرف عليه!
تكون التحية المتعارف عليها في الأرجنتين ومعظم دول أميركا اللاتينية بوضع إحدى اليدين على كتف الشخص الآخر وتقبيل أحد الخدين قبلة واحدة فقط، ما يميز الأرجنتينيون عن غيرهم من اللاتينيين هو أنهم دائماً وأبداً لا يستغنون عن شكل التحية الخاص بهم حتى أثناء تواجدهم في بعض بلدان البحر المتوسط مثلاً، حيث المتعارف عليه هناك هو المصافحة وطبع قبلة على كلا الخدين، كما أن الأرجنتينيون مستعدون –حتى في أشد المناسبات رسميةً– أن يضيعوا الكثير من وقتهم من أجل أن يقوم كل فرد بتحية كل الحاضرين.
تقول نتالي: ”حتى في المدرسة عند الدخول للصف وحتى في اجتماعات العمل والمؤتمرات؛ هذه التحية حاضرة بين الأرجنتينيين، وقد تعتبر شخصاً غير ودود وفظ إن تجاهلتها“.
3. لا تشرب نخباً مع البيرة/الجعة في هنغاريا:
لعلها من أوقح الأمور بالنسبة للشعب الهنغاري! أنت في هنغاريا؟ رائع! تمت دعوتك إلى أحد الحانات لشرب البيرة؟.. هذا أروع، لكن أرجوك إياك أن تظهر روحك المبادرة والمرحة وترفع كأسك عالياً وتسمي نخباً!.. نعم عزيزي القارئ، الهنغاريون لا يشربون نخباً على البيرة أبداً. ليس لأنها ليست بالمشروب الكحولي القوي ولكن ثمة قصة تاريخية وراء كل هذا.
القصة تعود لعام 1849، قال كل من ”دافيد“ و”نيللي“ (طالبان هنغاريان في إسبانيا) أثناء تقديمهم لعرض تقديمي عن بلادهم في إحدى المحاضرات: ”بعد الثورة والحرب ضد الإمبراطورية هابسبورغ، التي بدأت في عام 1848 وسقطت في عام 1849، تم إعدام جنرالات الجيش المجري (بعد أن هرب معظمهم من الجيش النمساوي عندما علموا بوجود انتفاضة في المجر). فاحتفل قادة الجيش النمساوي بانتصارهم هذا بشرب نخب إعدام الجنرالات الهنغاريين مع البيرة.
لمدة 150 عاماً كان من المفترض على الشعب الهنغاري ألا يشرب نخباً مع البيرة حداداً على الحادثة، وعلى الرغم من مرور 150 عاماً بالفعل فإنه لا نزال نشعر أنه من غير العادي بالنسبة لنا أن نشرب نخباً مع البيرة، ما وضعنا في مواقف محرجة أحياناً في إسبانيا عندما نبدأ بالشرب تلقائياً قبل الآخرين!
4. احترم المسافة في الصين وسائر الشرق الأقصى:
بالرغم من أن الشعب الصيني ودود جداً إلا أنه قد يظهر بمظهر غير الودود بالنسبة لسائر أبناء منطقة البحر المتوسط على مختلف إنتماءاتهم، سواء كانوا من أوروبا أو شمال أفريقيا أو الشرق الأوسط، والأمر سيان بالنسبة لأبناء أميركا اللاتينية، السبب ببساطة هو أن الصيني لا يرحب كثيرا بالتواصل باللمس حتى مع أقرب المقربين إليه! المصافحات والقبلات ليست وسيلة للتحية في الصين ومعظم دول شرق آسيا، يستبدل الصينيون ذلك كله بإنحناءة بسيطة لبعضهم البعض، كما أن الصيني –غالباً لا يعانق أصدقائه أو أفراد أسرته.
قال ”جيه نان“ (طالب صيني) في صف التواصل الثقافي؛ عندما كانت الأستاذة تتحدث عن المسافة الاجتماعية لدى الشعوب، أنه لا يذكر بالضبط متى آخر مرة عانق والدته! وقال بأن العناق حتى بين الوالدين والأبناء يقدم في مناسبات خاصة وقليلة جداً.
الصيني نفسه –نستثني من ولد أو نشأ أو عاش لمدة طويلة في كل من دول حوض المتوسط وأميركا اللاتينية وبقية دول أوروبا والشرق الأوسط– قد يجد أنه من التطفل إجباره على معانقة أصدقائه أو ملامستهم، وقد يرى في ملامسة الأشخاص بعضهم بعضاً؛ من خلال المصافحة والعناق والقبلات وحتى وضع الأيدي على الكتفين أو الظهر ..إلخ؛ سلوكاً غريباً جداً.
الجدير بالذكر أن التواصل البصري ضعيف أيضاً لدى الشعب الصيني كما الحال في معظم الشرق، الصينيون لا يفضلون النظر مباشرة في وجه المتحدث، مما يظهرهم بمظهر اللامبالي بالنسبة لبعض الشعوب الأوروبية –خاصة الشعب الألماني الذي يعلق أهمية كبرى على لغة العيون– وبالمظهر المفرط التهذيب بالنسبة لبعض شعوب الشرق الأوسط، والسبب هو أن شعوب شرق آسيا كسائر شعوب الشرق تربط فكرة الحياء بالأدب والأخلاق الراقية، وبالتالي عدم النظر في عين المتحدث هو من الحياء وبالتالي من الأدب.
5. احترم ”جدول الأعمال“ الإسبانية:
الـ”Siesta“ أو استراحة الغداء والقيلولة المقدسة
الشعب الإسباني شعب يعشق الحياة لدرجة كبيرة، ويضرب بهم المثل فيما يتعلق بذلك، وعندما أقول لك ”احترم قائمة الأعمال الإسبانية“ لا أعني بذلك بالضرورة أن الإسبان شعب منظم ويحترم الدقة، بل ربما قد أعني شيئاً معاكساً تماماً ألا وهو أن الإسبان شعب يعشق الراحة ويحب العطلات، وعليك احترام ذلك فلا خيار آخر لديك.
أما فيما يتعلق بالدقة والتنظيم فالشعب الإسباني لا يوصف بالشعب الدقيق أبداً فيما يتعلق بالوقت، لدرجة أن معظم الأوروبيين –من خارج إسبانيا– يضربون بهم المثل فيما يتعلق بالتأخير، فعندما تتأخر عن موعد معين في بلد أوروبي قد تسمع عبارة: ”Muy Español“ والتي تعني أن سلوكك ”إسباني جداً!“
إذا خرجت لتشتري شيئاً ما في إسبانيا –ليس من سوبرماركت أو مركز تجاري ضخم– ما بين الساعة الواحدة والنصف ظهراً والساعة الخامسة والنصف عصراً ستجد كل المحلات مغلقة حتى الصيدليات، والسبب أن هذا الوقت هو وقت الـ”Siesta“ أو استراحة الغداء والقيلولة المقدسة لدى الشعب الإسباني.
المطاعم والمقاهي خلال هذا الوقت تكون مفتوحة حتى الرابعة ثم تغلق حتى الثامنة لتفتح مجدداً من الثامنة حتى منتصف الليل، حيث تقدم خدماتها خلال فترة الـ”Siesta“ العادية لأصحاب المحلات المغلقة، ولاحقاً يحصل أصحاب المطاعم والمقاهي على الـ”Siesta“ الخاصة بهم بين الرابعة للثامنة، أي قبل ساعة تماماً من موعد العشاء المتعارف عليه في إسبانيا.
لذلك إذا كان موعد غداءك متأخراً بعد الرابعة أو موعد عشاءك مبكراً قبل الثامنة، وكنت تقيم في إسبانيا، فأنصحك أن تحضر طعامك بنفسك أو تغير مواعيد وجباتك اليومية لتتلائم وجدول ”الأعمال“ أقصد ”الاستراحات“ الإسباني! أيضاً عليك أن تؤجل شراء أدويتك لبعد الخامسة والنصف أو أن تشتريها قبل الواحدة والنصف فحتى الصيدليات لديها قيلولتها ”Siesta“.
الجدير بالذكر أنه من الضروري أن تتفقد قائمة العطلات الخاصة بالمقاطعة التي تقيم فيها في إسبانيا، لأن الإسبان لديهم الكثير من الاحتفالات وبالتالي الكثير من العطلات –غير المتوقعة، والتي قد يكون غير متعارف عليها في مناطق أخرى من أوروبا أو حتى في مقاطعات إسبانية أخرى، أقول لك هذا من التجربة المرة عندما ذهبت للجامعة قبل يوم واحد من مهرجان ”Las Fallas“ في مقاطعة بلنسية حيث أقيم ووجدتها مغلقة، حيث لم أتوقع أبداً أن العطلة تبدأ قبل يوم من المهرجان وتنتهي بعد يوم من المهرجان! حتى العطلات العادية المتعارف عليها في مناطق كثيرة من العالم مثل عيد الميلاد مثلاً قد تأخذ وقتاً أطول من المتعارف عليه في بلدان أوروبية أخرى.
أخيراً.. اكتشاف طريف قد يفرحك! بصفتي قادمة من بلد شرق أوسطي، من التجربة المرة أيضاً.. فالشرق أوسطيون أكثر دقة واحتراماً للمواعيد بكثير فيما يتعلق بالوقت مقارنة مع الإسبان!
6. لا تهدي رجلاً أوكرانياً عطراً:
خاصة إذا كان رجلاً تقليدياً! القاعدة الأوكرانية تقول: ”الرجل يجب أن تكون رائحته كرجل فقط“، هذا ما قاله ”دينيس“ صديقي الأوكراني عندما كنا سوياً في أحد المراكز التجارية، وسألته عن عطره المفضل عند اختباري بعض أنواع العطور، فقال لي أنه لا يستخدم العطر بل فقط مزيل التعرق، وأن معظم الرجال في أوكرانيا لا يستخدمون العطور كما أنه ليس بالأمر المحبب استخدام العطر للرجل في أوكرانيا.
من دون أدنى شك التعميم هنا وكأي تقليد آخر خاطىء، لكن تجنباً لأي ردود أفعال سلبية قد تحصل عليها عزيزي القارىء في حال رغبت بتقديم هدية لصديق أوكراني في مناسبة ما، فحاول استثناء العطور من القائمة، بالرغم من أن العطور قد تعتبر من الهدايا المفضلة لدى شعوب الشرق الأوسط تحديداً والعالم العربي بشكل عام، وتجنباً للإحراج أقترح عليك أن تسأل صديقك قبل المناسبة عن اسم عطره المفضل بعد أن تفتتح حواراً ملائماً لمثل هذا السؤال مثل التسوق أو العلامات التجارية ..إلخ، وفي حال أجابك بإسم عطر معين فهذا دليل أنه مستثنى من القاعدة، أما في حال أخبرك بأنه لا يستخدم العطور فاستثني العطر من خياراتك.
وأنتم؟ ما رأيكم؟ ما هي أغرب العادات الاجتماعية التي رأيتموها في هذا المقال أو واجهتموها في حياتكم من شعوب أخرى؟ وما هي أكثر عادة يتمتع بها شعبك وتعتقد أن الشعوب الأخرى قد تجدها غريبة؟ اتركوا لنا ذلك في التعليقات!
بالنسبة لي أعتقد أن الشعوب الغربية بالمجمل تستغرب من عادة خلع الأحذية قبل الدخول للمنازل الشائعة في الشرق، لدينا صديق تركي عندما قمنا بزيارته وطلب منا ذلك استغرب الطلاب الأوروبيون بشدة!
وأنت ماذا تقول؟ ننتظر تعليقك!
دخلك بتعرف