بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

أحمد الوعري.. واقعية قصوى.. وحالات إنسانية متبدلة..

الأحد 05-02-2017 - نشر 8 سنة - 5904 قراءة

معرض الفنان الشاب أحمد الوعري الفردي الثالث، في قاعة الآرت هاوس شكل مدخلاً للتعرف على لوحات تجربة فنية شابة، زاخرة بمشاهدها الواقعية، القادمة من حضور أدق درجات الدقة، ولقد كان يبحث ومنذ بدايات انطلاقته الفنية، رغم حداثة تجربته،عن حل لتجليات الرجوع إلى ينابيع الواقعية بحدودها القصوى، دون أن يخون مشاعره الذاتية.‏

وأعماله الجديدة تمنح عناصره الإنسانية، خصوصية أسلوبية عبر موضوع الرجل والمرأة وبورتريهاته الذاتية المتداخلة مع شرائط بلاستيكية شفافة لاصقة، ليصوغ باللمسة اللونية المدروسة والواعية والهادئة والمتوازنة عناصر الأشكال، والظلال في تدرجاتها بين التعتيم والتفتيح.‏

حركات الأشخاص‏

فقد وجد في الأجساد التي تأخذ حركات استعراضية أو غير مألوفة،ومعبرة عن مرارة الواقع، مادة أساسية، أفسحت له المجالات الشاسعة، لرحلة الكشف عن رؤى واقعية جديدة، وأفكار تشكيلية مغايرة، ومع الجسد (نصف العاري) يمتلك القدرة لإعطائه لونه الطبيعي، والوصول إلى علاقة متميزة، بين العناصر الإنسانية وشرائط التلصيق الشفافة، فالبشرة تبقى محافظة على لونها الطبيعي، ومن خلال حركات الأشخاص، تبرز تنويعات التشكيل الحيوي الواقعي الذي يسعى إليه.‏

هكذا يزاوج بين طواعية ماتمنحه اليد الصبور وتوازن التكوين، في خطوات بلورة اتجاهات نزعته الواقعية، مركزاً لإظهار حيوية الحركة. وهو في ذلك يجسد إيقاعات العناصر الإنسانية، المنتسبة إلى روح اللوحة الواقعية الحديثة، التي تبرز عناصر الشبه في ملامح الوجوه وتعابير العيون.‏

ونستطيع التماس بعض المؤشرات الروحانية في لوحاته، وبعض الدلالات الأخرى، في تحولات التعبير وحالاته الإنسانية المختلفة، وبذلك فهو يمتلك القدرة، على المجاهرة برؤى واقعية في حدودها القصوى، لاسيما وأن صالونات الفن في المدن الكبرى، سجلت خلال العقود الأخيرة، في بعض تياراتها، عودة إلى الواقعية المحدثة، في تفرعاتها وتشعباتها وتطلعاتها وبطريقة معبرة عن خصوصيات كل تجربة فنية على حدة.‏

هكذا يجسد أحمد الوعري أشكاله الإنسانية، برؤية فنية تستعيد تقنية المقدرة الواقعية، في إبراز تدرجات الظل والنور، والعناصرالصغيرة والدقيقة، حتى أنه يبرز طموحاً لإظهار التفاصيل المجهرية.‏

وهذا يعني أنه ينطلق في تجسيد الأشكال المختلفة، من خلال تقيده بأدق درجات الدقة، في الرسم الواقعي، فمن خلال متابعة لوحاته، المعروضة في الآرت هاوس، يمكننا التماس صياغة تصويرية واقعية تعكس نزعاته وهواجسه العقلانية، التي تعطي الأولوية للمسة اللونية الهادئة والواعية، والبعيدة كل البعد عن اللغة التشكيلية الانفعالية والعبثية.‏

فن جماهيري‏

ومن خلال هذه الرقابة العقلانية المنضبطة، والمركزة يظهر هواجس الارتباط بفن جماهيري له قواعده الثابتة، وأسسه المتوارثة، والمفهومة من كل الشرائح والمستويات والأعمار.‏

ورغم دقته المفرطة في التعامل مع العناصر والأشكال، والتي يبحث من خلالها عن جماليات واقعية تقارب الصورة الضوئية الملتقطة بعدسة أمينة، لمعطيات الواقع الذي تراه العين في الأبعاد الثلاثة، فهو في النهاية يقدم لوحة تحمل بصمته وخصوصيته.‏

هكذا ينحاز إلى التعبير الهادئ، وإلى المشهدية البصرية الملطفة، ويبوح بما في أعماقه من مشاعر وأحاسيس، فأشكاله رغم واقعيتها تبدو مرتبطة بشخصيته، لأنها تتأسس على مناخات لونية متقاربة، بعيدة الى حدود التعاكس مع العنف والصراخ اللوني الوحشي المقروء وبكثرة في لوحات الآخرين.‏

ولوحاته على هذا تستنطق المشاهد الإنسانية، في مظاهرها الخارجية، وبالتالي فهي تتجاوز إشكالية القطيعة القائمة بين الفن التشكيلي والجمهور، في الوقت الذي نعلم فيه أن الإبداع الفني التشكيلي الحديث نخبوي أولاً وأخيراً، بمعنى أن اللوحة الفنية الحديثة اللاواقعية، أثبتت فشلها في مخاطبة الإنسان العربي.‏

فهو في لوحاته يعود إلى مرتكزات الصياغة الواقعية، ونكتشف قدرته على التقاط التفاصيل الدقيقة، كل ذلك بألوان هادئة ومساحات صارمة، تحدد الخطوط الخارجية للعناصر المرسومة حسب منطقها الواقعي ومنهجها التوليفي.‏

فالأجواء الواقعية المثبتة في تفاصيل الأشكال، هي حالة إيمائية تقتنص الإشارات وتدمج التفاصيل الحميمية للعناصر، لتعبر في النهاية عن قدرة التعاطي مع الموضوعات الانسانية، على الإيقاظ والتجدد.‏

فهويرسم تفاصيل غابت عن اهتمامات الكثير من الفنانين المحدثين، وسط رواج الاستعراض المجاني، ويطل عبر لوحاته كرسام عقلاني يعرف كيف يوازن ويعيد الاعتبار إلى الرسم الواقعي الدقيق.‏

وعلى هذا الأساس يمكن القول أن أحمد الوعري، لم يكن عاشقاً للرسم الواقعي الدقيق فحسب، بل كان ولا يزال يسعى لتحسس المادة اللونية، التي تحيط أو تسكن طبيعة العناصر، التي تعزف حركة الأشكال والأشياء والأماكن والمشاهد. بألوانها التي توازن بين اللمسة والأخرى بحركات مباشرة تلتقط لحظات متتابعة ومستمرة.

"الثورة"


أخبار ذات صلة

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

تأثير التعليم على الفيزيولوجيا

إشراف.. الأستاذ الدكتور رشاد محمد ثابت مراد

المايسترو ميساك باغبودريان:

المايسترو ميساك باغبودريان:

من المحزن عدم وجود أي برنامج يتحدث عن الموسيقا في قنواتنا التلفزيونية