مدير هيئة الصادرات السابق يقترح رفع الأجور والعمالة
اقترح الباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر، وهو مدير هيئة الصادرات السابق، زيادة حصة الأجور وخصوصاً لأصحاب الشهادات العالية وجذب نسبة أكبر للعمل داخل مختلف المؤسسات الاقتصادية، إضافة إلى زيادة المحتوى التقني والتكنولوجي في العملية الإنتاجية، بهدف زيادة النمو الاقتصادي في سورية.
وفي دراسة أعدّها اسمندر حول النمو الاقتصادي في سورية أشار إلى ضرورة وضع خطة اقتصادية متكاملة لرسم مسارات النمو الاقتصادي الممكنة في سورية للفترة القريبة والمتوسطة المقبلة، مع أخذ مختلف السيناريوهات المحتملة بالحسبان، حيث لابد من العمل في الفترة القريبة على الاستفادة من تنمية مناطق محددة في سورية كأقطاب نمو رافعة للحالة الاقتصادية، ومع تحسن الأوضاع في المستقبل يمكن العمل على برنامج أكثر تكاملاً للتنمية المتوازنة.
وأشار إلى أنه بسبب ضعف الموارد المادية المتاحة سيكون جذب عدد أكبر من رجال الأعمال السوريين من الخارج، وخصوصاً من غادروا خلال الأزمة أمراً في غاية الأهمية، لزيادة حجم الاستثمارات المتاحة في الاقتصاد السوري، مع اعتبار الإنسان السوري محور أي عملية تطوير في الجانب الاقتصادي والعنصر الذي يمكن التعويل على دوره في بناء اقتصاد سوري متطور، بما يزيد من مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي على حساب القطاعات الخدمية والريعية.
وتناولت الدراسة النمو الاقتصادي في الفترة بين عامي 2006–2015، وتبين أن النمو الاقتصادي في سورية اتسم بحالة مستمرة من عدم الاستقرار في مرحلة ما قبل الأزمة، وكان سلبياً على الدوام في جميع سنوات ما بعد الأزمة، وشكلت الزراعة قطاعياً نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي مع أن مساهمتها في النمو الاقتصادي محدودة.
بينما لعب قطاع الصناعة والتعدين الدور الأهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي، لكن تناقص حجم هذا القطاع يؤثر في دوره التنموي من الناحية الاقتصادية، كما لعبت القطاعات الريعية ولاسيما (تجارة الجملة والمفرق) دوراً مهماً في تركيب الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الأخيرة وكانت من أهم مصادر النمو القطاعية.
ولفت اسمندر إلى أن الاقتصاد ما زال يعتمد بشكل رئيسي على تراكم رأس المال المادي وهذا الأمر يجعل من الضرورة زيادة حجم الاستثمارات الكمية لنمو الاقتصاد السوري، لكن صعوبة هذه النقطة تكمن في أن زيادة الاستثمار المادي أمر معقد ويحتاج إلى جهود كبيرة لجذب المستثمرين.
وحسب الدراسة فإن نمو معدل الإنتاجية يتجاوز معدل نمو الأجور خلال الفترة المدروسة، ما يعني استفادة أقل لأصحاب الأجور من المنافع الاقتصادية قياساً بأصحاب الأعمال، وهذا يعكس عدم استجابة كبيرة لزيادة الاستثمار المادي على النمو الاقتصادي، وبالمقابل فإن دور رأس المال البشري محدود في النشاط الاقتصادي، ما يدل على ضعف كفاءة العاملين من ناحية وضعف التحفيز المقدم إلى أصحاب الشهادات العلمية والمهنية العالية من ناحية أخرى، حيث إن النمو الاقتصادي الطبيعي المرتبط بزيادة العمالة وزيادة إنتاجيتها، لا يعطي صورة إيجابية عن احتمالية تحقيق معدلات نمو في الفترة القريبة والمتوسطة.
وأشار اسمندر إلى أن الاقتصاد السوري نما في الفترة 2006-2010 (سنوات الخطة الخمسية العاشرة) بمعدل بلغ 5% تقريباً (فترة انتعاش)، بينما تراجع النمو الاقتصادي في الفترة الثانية بشكل كبير تجاوز -10% كمعدل وسطي لكامل الفترة 2011-2015، ثم يمكن وصف الفترة بأنها (فترة انكماش)، وهذا أدى إلى تراجع حجم الاقتصاد السوري بشكل ملحوظ في السنوات السابقة حيث يصل إلى أقل قيمة له خلال عام 2015، ما يبين مدى تأثير الأوضاع التي تمر بها سورية في مستواها الاقتصادي.
"الوطن"