"داعش" يعاني في سورية
لا يملك تنظيم "داعش" في سوريا خياراً غير الهجوم، خاصة في ظل تراجعه الدراماتيكي في العراق، فهو يحتاج إلى تأمين مساحة جغرافية آمنة يتمكن من التمركز فيها، وقد إختار "داعش" المنطقة الشرقية في سوريا لتكون مستقراً لعناصره، من هنا يمكن فهم العمليات العسكرية التي بدأها التنظيم بإتجاه مدينة تدمر وريف حمص الشرقي، إضافة إلى مدينة دير الزور، لكن يبدو أن خطأ عسكرياً إرتكبه قد يكلفه الكثير في سوريا، وقد بدأت انعكاسات هذا القرار تظهر للمراقبين.
لم يستطع "داعش" قطع طريق خناصر قبل نحو أسبوع خلال هجومه المضاد على مواقع الجيش السوري في تلك المنطقة، ويتردد أن عجزْ التنظيم جاء بسبب نقص في الآليات والوقود في تلك الأرض الصحراوية المكشوفة التي تحتاج إلى مناورات سريعة عبر آليات تحمل رشاشات ثقيلة، إضافة إلى الآليات المفخخة.
هكذا، أخطأ "داعش" في عملياته العسكرية الأخيرة فعمد في ظل النقص الذي يعاني منه بالآليات – بسبب إستهداف الطيران الروسي لتجمعات مدرعاته وآلياته – إلى الهجوم على المطارات المحصنة والتي جعلها هدفه الأول.
فبعد تقدمه الكبير في تدمر قرر "داعش" السيطرة على مطار الـ"تي فور" العسكري في ريف حمص الشرقي، علماً أنه من المتعارف عليه أن الجيش السوري وحلفاءه يحصنون المطارات العسكرية والمدنية لمنع سقوطها حتى لو كانت محاصرة.
دفع "داعش" بأهم عناصره إلى محيط الـ"تي فور" من دون أن ينجح خلال الأشهر الماضية في السيطرة عليه، ليسقط له عدد كبير من القتلى والجرحى إضافة إلى تدمير مزيد من المدرعات والآليات... لم يكتفِ التنظيم الإرهابي بالهجوم على "تي فور" فبدأ هجوم بإتجاه مطار دير الزور العملاق.
الهجوم على مطار دير الزور قوبِل بقتال عنيف من قبل القوات المدافعة، إضافة إلى قصف عنيف سوري وروسي أستخدمت فيه الطائرات الإستراتيجية الروسية، الأمر الذي أوقع أيضاً أعداداً كبيرة من القتلى من قواته النخبوية.
وقبل يومين بدأ "داعش" هجوماً على مطار "السين" اكبر المطارات العسكرية في سوريا في ريف دمشق الشرقي - جنوب الضمير - ليخوض أيضاً معركة خاسرة ستؤدي إلى خسارته المزيد من المقاتلين المحترفين..
تراجع قدرة سلاح المدرعات لدى "داعش" إضافة إلى تراجع إمكانياته النفطية أدى إلى إفتقاره لقدرة المناورة حول الثكنات العسكرية الكبيرة (المطارات العسكرية)، وتالياً لم يستطع تجنب الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي.
خسر "داعش" في معارك المطارات مئات المقاتلين إضافة إلى عدد كبير من الآليات، غير تلك التي خسرها بالغارات الجوية الروسية، وقد بدأت تظهر معاناة التنظيم من خلال تقهقره في ريف حمص الشرقي علماً أن الجيش السوري والقوات الحليفة لا تزال تحاول عدم التقدم بسرعة في تلك المنطقة في محاولة لمزيد من عمليات الإستنزاف لـ"داعش".