بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

الوزيرة التي قالت للرئيس أريد المزيد من النساء نيويورك تايمز: الوزيرة الوحيدة في الحكومة السورية الجديدة تريد "إنجاز الأمور"

الثلاثاء 06-05-2025 - نشر 2 اسابيع - 4445 قراءة

ببدلة بيضاء، برزت هند قبوات بشكل لافت، كونها المرأة الوحيدة بين صف يضم 23 رجلا ببدلات رسمية، جميعهم وزراء في الحكومة السورية المؤقتة التي أدت اليمين للتو، ووقفوا إلى جانب الرئيس.

قالت قبوات في مقابلة بعد أيام قليلة من تعيينها: “أريد المزيد من النساء، وقد أخبرت الرئيس بذلك في أول يوم التقينا فيه”. وأضافت: “هذا الأمر مهم جدا بالنسبة لي، لأنه لم يكن مريحا أن أكون هناك وحدي”.

وقد قوبل تعيينها وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل بترحيب واسع في سوريا وعلى المستوى الدولي، كونها امرأة، وأيضا لكونها ممثلة للأقلية المسيحية في سوريا. وقد اعتُبر تعيينها إشارة إلى أن الزعيم السوري الجديد، الرئيس أحمد الشرع، يوسّع حكومته لتشمل مجموعة أوسع من التكنوقراط وأعضاء الأقليات الدينية والعرقية في البلاد، بعد أن كانت محصورة بدائرة ضيقة من المقاتلين المعارضين.

وكان الشرع، الذي أُدرج اسمه سابقا على قائمة الإرهابيين في مجلس الأمن الدولي، قد تولى الرئاسة في يناير بعد أن قاد هجوما من قبل المتمردين أطاح بحكم بشار الأسد العام الماضي. ومنذ ذلك الحين، عزز سلطته واعترف به على نطاق واسع كقائد فعلي، رغم الضغوط الدولية الكبيرة لمكافحة الإرهاب وتعديل حكمه.

قبوات، ابنة دبلوماسي وأستاذة جامعية درّست في الولايات المتحدة، لها سجل طويل في العمل في المنفى بين اللاجئين السوريين ومع المعارضة ضد النظام السابق. وأكدت أنه لم تكن لديها أي تردد في قبول دورها في حكومة الشرع الجديدة.

قالت قبوات عن الرئيس: “إنه يستمع للناس، وهذه ميزة جيدة فيه. في كل مرة تكون هناك مشكلة، يمكننا إرسال رسائل وهم يستمعون ويناقشون. وهذه هي مرونتهم”.

وأضافت عن السيد الشرع، البالغ من العمر 42 عاما: “لا تنسَ أيضا أنه شاب. وهم جميعا شباب، بالمناسبة، وهم يعرفون ذلك. إذا لم يكونوا مرنين ولم يستمعوا للآخرين، فلن يتمكنوا من إدارة بلد يشمل الجميع. وإذا حصل خطأ، نقوم بتصحيحه معا. نتعلم معا وندعم بعضنا البعض. لذلك هو يعرف أنه لا يمكنه إدارة بلد مثل سوريا بمفرده”.

“نستطيع مساعدة الناس”

قبل أن يسيطر المتمردون على دمشق، كانت قبوات قد عملت مع الشرع خلال السنوات الثماني التي أدار فيها محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا.

وبعد أن تولى السلطة، ساعدت قبوات في تنظيم مؤتمر للحوار الوطني، جمَع مئات الممثلين من جميع أنحاء سوريا لصياغة توصيات بشأن دستور جديد، ونظام حكم، وإجراء انتخابات خلال السنوات الخمس المقبلة.

قالت إنها سعيدة لأنها عُيّنت على رأس حقيبة وزارية جديّة، تشرف على ما كان في السابق وزارتين منفصلتين للشؤون الاجتماعية والعمل، وقد تم دمجهما الآن في وزارة واحدة.

وقالت: “لقد قبلت المنصب بسبب هذه الوزارة، لأننا نستطيع من خلالها مساعدة الناس”.

لكن ذلك لن يكون سهلا. فقد ورثت مؤسسة ضخمة في بلد مفلس فعليا. وأقرّت بأنها لا تعرف حتى الآن عدد الموظفين العاملين تحت إدارتها، ولا حجم ميزانيتها.

في يومها الأول في المكتب، جمعت رؤساء أقسام وزارتها، وهم مزيج من بيروقراطيين من النظام السابق، ومسؤولين من الإدارة التي قادتها المعارضة، وناشطين معارضين، من بينهم أحد الناجين من الاعتقال في السجون السورية سيئة السمعة.

قالت لهم: “علينا أن نبدأ العمل على أساس الثقة وأن نتعاون مع بعضنا البعض. فقط تذكّروا من هو المدير الحقيقي لنا: إنه الشعب السوري”.

وأضافت أن مهمتها هي أن تستخدم خبرتها في تدريس حل النزاعات والحوار بين الأديان لإصلاح الوزارة وتحويلها من أداة بيد الديكتاتورية إلى وزارة تخدم الفئات الضعيفة.

قالت: “حتى لو غادرت بعد عام أو أي مدة كانت، أريد أن أترك شيئا جيدا للأجيال القادمة، هذا هو ما أريده”.

القطيعة مع الأسد

ولدت قبوات في الهند، لكنها رفضت الإفصاح عن عمرها. عاشت مع والديها في لندن ومصر، ثم عادت إلى دمشق لمتابعة دراستها، أولا في دير مسيحي ثم في الثانوية الفرنسية شارل ديغول. حصلت لاحقا على شهادة في الاقتصاد من جامعة دمشق.

قلبها معلق بدمشق، وخاصة في الأزقة الضيقة للمدينة القديمة، حيث ربّت طفليها – وهي اليوم جدة – وتعيش مع زوجها، وهو رجل أعمال. وفي هذه الأيام، تسير صباحا في الأزقة الملتوية للوصول إلى سيارتها التي تنقلها إلى عملها.

قالت إنها حلمت طوال 14 عاما بالعودة لتشم رائحة زهر النارنج في فناء منزلها، لكن بعد أن تحولت حملة قمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية إلى حرب أهلية، اضطرت للبقاء في المنفى.

بدأت غربتها عام 2011 بعد أن ألقت خطابا في نيويورك عن المجتمع السوري المتعدد الأعراق، ما أثار غضب بشار الأسد. وقيل لها حينها إنها غير مرحّب بها بالعودة. وأضافت: “هو لا يحب هذه السردية التي تقول إن المسلمين والمسيحيين يستطيعون العيش معًا”.

حاولت الحفاظ على قناة حوار مع الأسد، الذي ارتاد نفس مدرستها وكانت تعرف زوجته. وعندما اندلعت الاحتجاجات ناشدته أن يتفاوض مع المتظاهرين.

قالت: “اتصلت بوالدته، وتحدثت مع زوجته. أرسلنا له رسالة واضحة: لا تفعل هذا. لا يمكنك قتل المدنيين، لأن مهمتنا في الحياة هي الدفاع عن المدنيين وحمايتهم. لكنه لم يستمع”.

كانت قد بدأت بالفعل مسيرتها الأكاديمية، بعد حصولها على شهادات من الجامعة الأميركية في بيروت ومدرسة فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس، وعملت كمحامية في كندا.

منذ عام 2004، أدارت برنامج سوريا في مركز الأديان العالمية والدبلوماسية وحل النزاعات في جامعة جورج ميسون، وكذلك المركز السوري للحوار والسلام والمصالحة في تورونتو. وعلى مر السنين، علّمت الآلاف من الطلاب السوريين قوة الحوار بين الأديان وحل النزاعات، ويعمل بعضهم معها اليوم.

في عام 2015، شاركت في تأسيس جمعية “تستقل”، وهي منظمة غير ربحية تقودها نساء وتركز على بناء مجتمع ديمقراطي لجميع السوريين. لكنها انسحبت من الجمعية واستقالت من منصبها الأكاديمي بعد انضمامها إلى الحكومة.

أصبحت معروفة لدى السوريين عندما تم تعيينها كواحدة من امرأتين فقط إلى جانب 30 رجلا في اللجنة العليا للمفاوضات، التي كانت لعدة سنوات الهيئة الرئيسية الممثلة للمعارضة السورية في عملية السلام المدعومة من الأمم المتحدة بشأن سوريا.

قالت: “لقد كان الأمر صعبا جدا”. وأضافت: “لكننا اكتسبنا صلابة هائلة".

من بين العديد من التصريحات التي رحّبت بتعيينها، قالت مؤسسة تانينباوم للتفاهم بين الأديان، وهي منظمة غير ربحية مقرها نيويورك، إن خبرتها تجعلها “مؤهلة بقوة” للمساعدة في تأمين مستقبل أكثر سلما للسوريين من جميع الخلفيات.

“دعونا ننجز الأمور”

خلال عدة لقاءات مع صحيفة نيويورك تايمز، دعت مرارا الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات عن سوريا، والتي فُرضت خلال عهد نظام الأسد، لكنها ما تزال سارية وتشلّ الاقتصاد عبر تقييد التجارة والاستثمار والتحويلات الدولية.

قالت: “إذا استمرت الولايات المتحدة بفرض العقوبات علينا، فستكون هناك الكثير من النساء والأطفال اللاجئين بلا مستقبل”. وأضافت: “رفع العقوبات لم يعد مسألة سياسية، بل مسألة إنسانية”.

وأشارت إلى أن الحكومة السورية استوفت معظم الشروط التي ذكرتها مؤخرا متحدثة باسم البيت الأبيض. وقالت: “ وأضافت: “إذا كان هناك شيء لا يعجبهم، يمكننا التفاوض. دعونا نجلس إلى الطاولة ونحلّه”.

وختمت بالقول: “المهم أننا تخلصنا من مجرم حرب، أزلنا العقبة الأكبر، والآن دعونا ننجز الأمور”.

🟢🟢🟢


أخبار ذات صلة

رئيس تحرير الثورة : المرحلة الحالية تتطلب بناء جسور ثقة جديدة مع الجمهور

رئيس تحرير الثورة : المرحلة الحالية تتطلب بناء جسور ثقة جديدة مع الجمهور

تم اللقاء مع عدد من الوزراء لردم الفجوة بين الإعلام ومؤسسات الدولة وتأمين طرق للحصول على المعلومة