بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

الصحفي شعبان عبود : أشك أن "ساكس " يعمل لدى المخابرات الأمريكية حين يتذاكى هذا الأكاديمي الأميركي وينفي ثورة السوريين  …

الخميس 17-04-2025 - نشر منذ شهر - 53773 قراءة

شخصيا لستُ معجباً بأيٍّ من مفكري اليسار، وليس لدي أي عقدة دونية أو نقص اتجاه أي مفكر أو باحث غربي،  وليس عندي  أدنى درجة تعاطف أو إعجاب إزاء أيٍّ منهم ، وخاصة أولئك الذين يظهرون تعاطفاً مع بعض القضايا العربية العادلة، لا أتعاطف معهم حتى يثبتوا أنهم حقاً على مسافة من الديكتاتوريات وأنظمة الاستبداد العربية، عدا عن ذلك فكل كلمة يقولونها متعلقة بقضايا عربية وشرق أوسطية تبقى عندي محل تشكيك وتدقيق. وهذا ما فعلته مع ما قاله  البروفيسور جيفري د. ساكس Professor Jeffrey D. Sachs

 

الأستاذ بجامعة كولومبيا، ومدير مركز التنمية المستدامة ، ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، الذي ألقى كلمة على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي قال فيها إن ما حصل في سوريا كان مخططا ً له، ومعدّا مسبقا من قبل كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، نافياً أن تكون الثورة السورية قد قامت بسبب قمع نظام الأسد، ما يعني أنه لم يكن هناك قتل أو سجون ومعتقلات ومعتقلين وتعذيب ومكابس بشرية ، لا بل كان هناك حريات وعدالة وكرامة ورفاه نُحسد عليه!!!.

هذا الكلام الذي يجافي المنطق والحقائق غايته إظهار قدرات  أسطورية خارقة للولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، بحيث وفي النتيجة لا قيمة لأي شيء تفعله الشعوب من نضالات وتضحيات ومقاومة إزاء أنظمتها القمعية، ولم يكن للثورة السورية أي أسباب أو مقدمات داخلية لأن كل شيء في هذا الكون حسب رأيه تقرره أميركا وإسرائيل فقط،  حيث ما قام به السوريون وما قدموه  من تضحيات لم يكن  لهم فيه أية علاقة ولا بمآلاته لاحقا.  هو باختصار أراد القول  إن نظام بشار الأسد كان ضحية  مؤامرة غربية صهيونية وأن الثورة والتمرد ضد الأسد كان قراراً أميركياً، وأن من ضحوا بأرواحهم  كانوا مجرد أدوات لهذه الخطة أو المخططات الأمريكية.

حتى أنه إدعى أكثر من مرة   أن غاية واشنطن منذ البداية  كانت إسقاط نظام الأسد،  و عزا فشل مهمة المبعوث الأممي السابق كوفي عنان عام 2012 إلى الولايات المتحدة التي أصرّت على تنحي الأسد في اليوم التالي تماماً لأي اتفاق حسب قوله وهو ما أفشل مهمته، يعني لم يكن هناك أية مسؤولية لنظام بشار الأسد الذي كان مصرا على خيار العنف، فقط هي الولايات المتحدة من أفشلت مهمة كوفي عنان لأنها أصرّت على شرط تنحي الـأسد في أي اتفاق!!

غريب هذا الكلام  الذي لا يستند لأي مصداقية خاصة وأننا نعرف جميعاً كيف أن الولايات المتحدة هي نفسها من رفضت بقوة إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، وهي نفسها من رفضت تزويد المقاتلين في الجيش السوري الحر بصواريخ مضادة للطيران محمولة على الكتف، وهي ذاتها التي  كانت قد تراجعت عن "خطها الأحمر " حين استخدم النظام السلاح الكيميائي عام  2013..! وهي التي اعتبرت الهجوم على  منطقة الساحل  معقل النظام خطاً أحمر ، وهي من قالت إن غايتها ليست إسقاط نظام الأسد بل تحسين سلوكه، وهي ذاتها من أعطت الضوء الأخضرللتطبيع معه في العامين الماضيين!!! هل حقا هذا المفكر والباحث والأكاديمي العتيد يريدنا أن نصدقه؟ هل يعتقد حقاً أنه يمكن استغفال الملايين ويهين ذكائهم ؟

بكل صراحة فإن ما خرجت به من انطباع بعد سماعي لمداخلته لم يكن انطباعاً نقدياً وحسب، بل أنا صرت أشك بأن هذا ومن أمثاله ربما يعملون لصالح أجهزة استخباراتية أمريكية أو غيرها وأن مهمتهم تتمثل في خلق قناعات لدى أوساط النخب العربية الثقافية والسياسية فحواها أن لا شيء في العالم كله يجري بدون قرار أو مشيئة أميركا،  وأن على الجميع الخضوع والتسليم بهذه الحقيقة، بحيث لن يكون هناك جدوى لأي شيء سوى التسليم والإذعان والقبول، ما يعني إلحاق الهزيمة بنا ومن داخلنا أولاً ...


أخبار ذات صلة