الضمانات تحول دون منح المصارف للقروض.. ومطالب بالسماح باستيراد المواد الأولية لتصنيعها وتصديرها …
صاحبةالجلالة _ متابعة
تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر دعامة أساسية في نهوض أي اقتصاد العديد من المعوقات في ظل الوضع الاقتصادي الحالي من جهة وإجراءات التراخيص وصعوبات التمويل التي تحتل أهمية كبيرة في نجاحها من جهة أخرى.
الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق قسم المصارف الدكتور علي كنعان أكد في حديثه لـ«الوطن» أن المشاريع المتوسطة والصغيرة تعد عماد الاقتصاد الوطني وتشكل نسبة أكثر من 80 بالمئة من حجم المشاريع الإجمالي في سورية لذا يجب مساعدة المشاريع على النمو والتطور وتسهيل منح التراخيص سواء أكان البناء مرخصاً أم غير مرخص وخاصة في الأرياف حيث إن أغلب المحال في الريف مبنية بطرق غير نظامية وغير مرخصة لا تلبي شروط الوحدات الإدارية، مما يفتح باباً للفساد والمحسوبيات للحصول على الترخيص أو قد يُمنح ترخيص مؤقت لحين توفر مكان مرخص لإقامة المشروع، إضافة إلى ضرورة التساهل فيما يخص الإجراءات الإدارية الأخرى المطلوبة التي تعيق الترخيص في ظل الحاجة الماسة لهذه المشاريع ومنح بعض المزايا الضريبية لا إعفاء ضريبي لتشجيعها على الإنتاج والعمل ريثما تنهض وتصبح شركات حينها يتم فرض الضرائب وفق القانون الضريبي المعمول به لأن الضرائب قد تعيق نمو المنشآت في المراحل الأولى من إنتاجها.
كما رأى كنعان أن قروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تمنحها المصارف السورية حالياً لا تلبي حاجة المشاريع نتيجة التضخم الاقتصادي إذ أصبحت المشاريع تحتاج إلى قروض ضخمة وفي حال منحتها المصارف فإنها تحتاج إلى ضمانات كبيرة أيضاً عدا أنها تسعى إلى ضمانات في مراكز المدن وليس الأرياف أو أطراف المدن أو تقوم بخصم 50 بالمئة من قيمة الضمانات الموجودة في الريف وبالتالي يتم ظلم المشاريع في الأرياف علماً أن أغلب المشاريع تقام في الأرياف مما يؤثر سلباً في قدرتها على تقديم الضمانات الكافية للحصول على القروض الكبيرة اللازمة، إضافة إلى الفوائد المصرفية التي ترتبط بموضوع التضخم، ورأى أنه يجب تميز المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بنقطة أو نقطتين إلى الخلف أي إذا كانت الفائدة 14 بالمئة يمكن جعلها 12 بالمئة للمشاريع الصغيرة ويمكن أن تتبنى الدولة إعفاء قروض المشاريع الصغيرة من الفائدة مدة 3 سنوات حتى يقلع ثم ينتهي الإعفاء.
علماً أن الحكومة وجهت منذ سنتين بزيادة حجم القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى وإن تجاوزت مليار ليرة سورية إلا أن الضمانات تحول دون منح القروض.
وأشار إلى أن هذه المشاريع لا تحتاج إلى رأس مال ضخم حيث إن مشروعاً لتصنيع الأجبان والألبان مثلاً يحتاج إلى رأس مال بحجم يتراوح بين 500 حتى 600 مليون ليرة لكي يقلع وقد لا تكفي أيضاً، في حين مشروع لإنتاج الألبان والأجبان عصري وحديث سيحتاج إلى رأس مال بحجم بين 5 أو 6 مليارات ليرة سورية، لافتاً إلى إمكانية الانطلاق بمشروع صغير برأس مال حجمه 50 مليون ليرة سورية فقط كأدنى حد لرأس المال في حين أنه سيبقى متعثراً في سنواته الأولى حيث إنه كلما كان رأس المال أكبر كلما زاد التشغيل والمرونة.
ولفت إلى أن المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر تلعب دوراً هاماً في إنتاج السلع والخدمات إذ إن أغلب المحال التجارية في سورية تخفي وراءها مشاريع متوسطة وصغيرة توفر لها السلع والخدمات سواء الغذائية أم الكيميائية أو النسيجية وحتى الأحذية، وتساهم في تشغيل اليد العاملة لأن هذه المشاريع تحتاج إلى عدد كبير من العمال من 10 إلى 25 عاملاً يعمل في كل منشأة بالتالي فهي تولد دخلاً وتساهم بحل مشكلة البطالة إضافة إلى تقديم السلع للقطاع الاستهلاكي، محققة دوراً متميزاً في زيادة الدخل وزيادة معدل النمو الاقتصادي في أي بلد، وأشار إلى أن هذه المشاريع تتميز بالمرونة في الإنتاج والتسويق والتراخيص ولا تحتاج لاستيراد مواد أولية، كما أنها لا تحتاج إلى كفاءات وخبرات عالية من العمالة مما يزيد ربحيتها مقارنة بالشركات التي تعتمد في موادها الأولية على المستوردات كمادة الحبيبات البلاستيكية لإنتاج الطاولات والكراسي البلاستيكية على سبيل المثال وبالتالي يشكل الاستيراد وتكاليفه المرتفعة عقبة أمام صاحب المشروع ويؤثر في تكلفة وأرباح المنشأة.
وطالب كنعان بالسماح باستيراد كل المواد الأولية اللازمة للصناعة لكي تتم عملية تصنيعها ومن ثم تصديرها وذلك تشجيعاً للمشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر على الإنتاج باستخدام المواد الأولية وإعادة تصديرها إلى الخارج، وطرح مثالاً اليابان من حيث أنها لا تنتج مادة أولية وتستورد كل المواد الأولية لمنتجاتها حيث تصنع المنتجات وتصدرها، مشدداً على أن الاقتصاد السوري بحاجة إلى كل المشاريع حيث إن المشاريع القائمة حالياً لا تغطي حاجة الاستهلاك المحلي من المواد الاستهلاكية على كل المستويات والقطاعات نظراً لتضرر الكثير من المشاريع والمنشآت خلال سنوات الحرب الطويلة بالتالي فهي بحاجة إلى إعادة تأسيس وتمثل انطلاقتها إعادة إقلاع الاقتصاد السوري الذي لا يمكنه النمو من دون هذه المشاريع
الوطن