د. رشا سيروب: وفورات قرارات رفع الدعم في سورية سيجعل الحكومة تحقق زيادة في الإيرادات تعادل أربعة أمثال ما ستنفقه من زيادة على الرواتب والأجور
علقت الأكاديمية والباحثة الاقتصادية الدكتورة رشا سيروب، على القرارات الأخيرة التي أصدرتها الحكومة، لافتة إلى أنها شكلت صدمة نتيجة الكمّ الهائل من السلع الأساسية التي رُفع عنها الدعم عملياً والتي تمس حياة المواطن بشكل مباشر.
وقالت سيروب لصحيفة قاسيون: أي زيادة للرواتب تقل عن 500% لا يمكن أن نصنفها كزيادة حقيقية، مشيرة إلى أن الزيادة في الأجور طالت فقط العاملين في القطاع العام، أما زيادة الأسعار فقط طالت جميع المواطنين دون استثناء، مشيرة إلى أن الحكومة تجاهلت وجود نسبة كبيرة من قوة العمل عاطلة عن العمل.
ولفتت سيروب إلى أن ارتفاع الأسعار تجاوز 200% لبعض السلع الأساسية مثل مازوت التدفئة والنقل، مقدّرة نسبة التضخم بـ 238% في شهر آب الحالي مقارنة بالعام السابق، مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن تكون زيادة الرواتب على أقل تقدير، حوالي 250% عن السنة السابقة.
وأضافت سيروب: الإيرادات التي ستدخل إلى الموازنة العامة خلال الشهور المتبقية من السنة المالية الحالية تقارب 6 تريليون ل.س (5.7 تريليون ل.س) وهو أكبر من رقم عجز الموازنة عن العام كاملاً (4.8 تريليون ل.س)، مقابل زيادة في الإنفاق على الرواتب والأجور عن الأربعة أشهر المتبقية والتي لن تتجاوز 1.5 تريليون ليرة سورية، أي أن الحكومة ستحقق زيادة في الإيرادات تعادل أربعة أمثال ما ستنفقه من زيادة على الرواتب والأجور منذ تاريخ صدور القرار لغاية نهاية العام الجاري.
وتابعت القول: إن إجمالي الوفر الناتج عن رفع سعر مادتين فقط (هما المازوت والبنزين) وبأقل التقديرات، يصل إلى ما يقارب 15.4 ترليون ليرة سورية، وهو ما يقارب فعلياً حجم (كامل الإنفاق) المعتمد في موازنة العام 2023، في مقابل 4 ترليون فقط سيتم ضخها لزيادة الأجور حسب تصريحات السيد وزير المالية!!.
وقالت سيروب: هذه الأرقام توضح حجم الإيرادات الهائلة التي ستحصل عليها الخزانة العامة للدولة، لهذا، فأرقام الدعم التي تعلنها الحكومة غير منطقية، ومشكوك بها، حيث يبلغ إجمالي اعتمادات الموازنة 16.550 تريليون ل.س لعام 2023، فضلاً عن أنها مخالفة للدستور.
وتابعت الخبيرة الاقتصادية: المشكلة ليست بالدعم، وإذا كانت الحكومة تقول إن الدعم لا يصل لمستحقيه، فيجب ضبط الآليات كي يتم ضمان وصولها للمستحقين، وإن لم تكن قادرة على ضبط الآليات فهذا اعتراف صريح بأنها غير قادرة على لعب دورها في ضبط العمل التنفيذي،
وأضافت: الحكومات المتعاقبة منذ عام 2000 حتى تاريخه تمارس النهج نفسه، وهو انسحاب الدولة من لعب دورها في الشأن الاقتصادي الاجتماعي، في الوقت الذي لا يوجد -ولم يهيء- قطاع خاص ناضج قادر على ردم الفجوة من الأنشطة التي انسحبت منها الدولة، بل العكس من ذلك، كان دوره سلبياً تماماً.
وقالت سيروب: الاقتصاد السوري يتجه في ظل السياسات الحالية نحو الهاوية، مضيفة: الحكومة لم تعد قادرة على وضع سياسة مستقرة حتى لسنة واحدة فقط.