ارتفاع أسعار زيت الزيتون بسبب سحب التجار كميات كبيرة منه بهدف التصدير(دوكما)
ارتفاع غير مسبوق شهدته أسعار زيت الزيتون، إذ وصل سعر الليتر الواحد بين ٣٠ – و٤٠ ألفاً، هذا الغلاء وصل إلى حدّ اضطر البعض لشرائه حسب احتياج الوجبة الواحدة فقط. فما الأسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع؟ وهل المعاومة لهذا الموسم سبب في ذلك، وهل التقديرات الأولية تفي باحتياجات السوق؟
تؤكد عبير جوهر، مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، أنّ أسباب ارتفاع أسعار زيت الزيتون تعود إلى زيادة الطلب العالمي عليه، نظراً لتراجع الإنتاج في الدول المنتجة الكبرى “إسبانيا وإيطاليا” بسبب التغيّرات المناخية التي أثّرت بشكل واضح في الإنتاج كمّاً ونوعاً، لذلك عمل التجار على سحب كميات كبيرة من الأسواق بهدف تصديرها والاستفادة من زيادة السعر العالمي .
ضوابط للحدّ من التصدير
عمدت الحكومة إلى وضع ضوابط لعملية التصدير، وحدّدت الكميات وأحجام العبوات بهدف ضبط الكميات المصدرة، بحيث لا تتجاوز الفائض عن الإنتاج، بعبوات محدودة الحجم، وعدم السماح بتصديره (دوكما) وفقاً لما تشترطه الدول المنتجة التي تستورد كميات كبيرة من زيت الزيتون بهذا الشكل بهدف تأمين مادة أولية لمعامل تكرير زيت الزيتون لديها، ووفق مديرة مكتب الزيتون طالب اتحاد المصدّرين منذ حوالى شهر بفتح باب التصدير (دوكما)، لكن الحكومة لم تسمح بذلك بهدف عدم سحب كميات كبيرة من الأسواق على حساب السوق المحلي.
الكميات المصدّرة لنهاية الشهر الماضي لا تتجاوز 18 ألف طن والفائض عن الاحتياج المحلي 45 ألف طن
بانتظار “الدوكما”
وبيّنت أنّ التجار مازالوا يخزّنون كميات كبيرة من الزيت في المستودعات والمخازن بانتظار تغيّر آلية التصدير، والسماح بالتصدير( دوكما)، علماً أنّ التخزين يتم بطرق غير صحيحة ستسيء للنوعية بشكل كبير.
جوهر أكدت أن الكميات المصدّرة لا تتجاوز ١٨ ألف طن حتى نهاية الشهر الماضي، علماً أن الفائض عن حاجة الأسواق المحلية هو ٤٥ ألف طن من أصل إنتاج كلّي للموسم الفائت قُدِّر بحوالي 125 ألف طن زيت زيتون، إذ إنّ الموسم الماضي تميّز بزيادة كبيرة بالإنتاج في المنطقة الساحلية، حيث تركّز أكثر من ٤٠ % من الإنتاج فيها، وحسب مديرة مكتب الزيتون تراجع الإنتاج في محافظة حلب بسبب التغيّرات المناخية، المتمثّلة بالصقيع في فترة الإزهار والارتفاع الشديد بدرجات الحرارة والجفاف خلال فترة نمو وتطوّر الثمار وتجميع الزيت.
تقديرات أولية
أما بخصوص تقديرات الإنتاج لهذا الموسم فلم تنجز بشكل نهائي، لكن من خلال الجولات التي يقوم بها المكتب لوحظ انخفاض شديد للإنتاج في المنطقة الساحلية، وبشكل خاص في طرطوس، فهذا الموسم يعدّ سنة “معاومة” للزيتون فيها، بينما يعدّ الإنتاج متوسطاً إلى جيد في المناطق الداخلية والشمالية.
ارتفاع التكاليف يسبّب تراجع الإنتاج
ترى جوهر أنّ تراجع الإنتاج يعود إلى عدة أسباب، منها ارتفاع تكاليف ومستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات ومحروقات، وبالتالي عدم قدرة المزارع على تقديم الخدمات اللازمة لتحسين الإنتاجية.
وأضافت: لوحظ انتشار لذبابة ثمار الزيتون، وبعض الأمراض الفطرية في المناطق الساحلية بسبب الرطوبة العالية، وعدم تقديم الخدمات اللازمة من تقليم جيد ومكافحة صحيحة في الوقت المناسب، علماً أنّ موجة الحرارة الحالية ستحدّ من نشاط هذه الحشرة، ويجب على المزارعين الاستمرار بمراقبة حقولهم ومراجعة الوحدات الإرشادية لتقديم النصائح والتدخّل بالمكافحة في الوقت المناسب.
انتشار الأمراض والحشرات
أيضاً لوحظ في المناطق الداخلية انتشار للأمراض والحشرات، كحفّار ساق التفاح ونيرون الزيتون والذبول، نتيجة زراعة أصناف زيتون حساسة لهذه الأمراض والحشرات التي زاد نشاطها في ظروف التغيرات المناخية الحالية، وبشكل خاص الجفاف، إضافة إلى إهمال المزارعين لحقولهم، وعدم تقديم الخدمات اللازمة للحدّ من انتشارها، ما انعكس بشكل سلبي على قوة الشجرة وإنتاجيتها.
وختمت جوهر بأهمية تقديم الخدمات الضرورية لشجرة الزيتون، وتطبيق الممارسات الزراعية الصحيحة، والالتزام بالخريطة البيئية لتوزع أصناف الزيتون، وعدم الاعتماد على الأصناف الأجنبية المُدخلة بشكل عشوائي من دون دراسة لإنتاجيتها، ومدى تكيّفها مع الظروف البيئية المحلية، إضافة إلى ضرورة مراقبة الحقول من حيث الإصابات، وتطبيق برنامج المكافحة المتكاملة لأمراض وآفات الزيتون المعتمد من وزارة الزراعة بهدف الحصول على ثمار زيتون سليمة وقادرة على إنتاج زيت زيتون عالي الجودة.
أمام هذا الواقع لمادة أساسية يعدّ توافرها من أساسيات المؤونة في كل بيت على امتداد سورية، يجب على الجهات المعنية برسم السياسات الاقتصادية أن تتحمّل المسؤولية من جهة بحث الأسباب التي أدّت إلى تدنّي الإنتاجية ومعالجتها، والتركيز على دعم الفلاح لأنه أساس العملية الإنتاجية.. فهل نعيد حساباتنا في خططنا الزراعية؟
تشرين