تلال المال المتضخم...سوق عتالة على أبواب البنوك ورواج تجارة المطاط
ثمة مشهدية مستجدة راحت تنشط على مستوى تطورات ومواصيل الاقتصاد المحلي وفصول تشوهاته المختلفة، لتفرض الحاجة في التعامل مع الأحجام والأثقال الكبيرة من الأوراق النقدية لكميات أكبر من المطاط اللازم للف كافة الفئات، ولاسيما الأكثر تداولاً من سوية الخمسمائة والألف والألفان، في وقت حيّدت فئات المئتان والمئة والخمسون ليرة لعجزها عن شراء أي سلعة في السوق الحر، في وقت أبقت سياسة الدعم فرصة أخيرة ربما لن تدوم لتداول تلك الفئات الأخيرات على كوات المخابز والأفران.
منذ بدء هيمنة مفاعيل فترة التضخم وفقدان القوة الشرائية بمرور الوقت، راحت كمية النقود التي نمتلكها لا تشتري لنا اليوم ما اشترته أمس، وليس كما يرى الاقتصاديون بأن التغيير السنوي في أسعار السلع والخدمات اليومية، مثل: الطعام والأثاث والملابس والنقل والألعاب، وهو ما ينعت بالتضخم، بل كما أسلفنا إخفاقاً شبه يومياً وربما بين الساعة والأخرى، ليغدو السوق الاستهلاكي السوري بمثابة البورصة الحقيقية التي لا تهدأ ذبذباتها بين الدقية والثانية.
عتّال المال
في تفاصيل مجريات واقع الأسواق هناك مشاهد بات الباعة الجوالون أبطال في استثمارها، إذا يكثر هذه الأيام من يحملون أكياس المطاط ويعرضونها للبيع للمحال والمتاجر وأبواب الشركات والمؤسسات وحتى للمارة والأفراد الذين لا تخلو جيوبهم منها بما يؤمن ويضمن جمع كتلة التي يحملونها في حركية الأسواق ونشاط التجارة وتدفق الأموال بين البنوك والمصارف ومابين البائعين والمشترين، في زمن بات حمل المال في أكياس وصناديق أمر رائج ، لتصل المسألة إلى درجة التندر لمرأة تريد التسوق استحضرت مرافقاً “قرباً” ليحمل لها أكياس المال المطلوب سداده مقابل فستان وما يرافقه من لوازم تبضع شخصي بحت وليس منزلي أو إنتاجي، وبناء عليه انقلبت الآية، فبدل أن تحمل نقداً قليلاً في جيبك أو محفظتك لتشحن سلعة ابتعتها أصبح الناس يشحنون المال ليحمل ما اشتراه في إصبع واحده.
هماً أمنياً
في عملية تقصي ومتابعة الحالة لا يغدو حديث ذاك البائع عن قدرة المنتجين والتجار السوريين عن تقفي أثر احتياجات السوق غريباً ، فمحدثنا راح يحكي عن رفع القدرات الإنتاجية لدى العديد من شركات تصنيع المطاط لتلبية احتياجات السوق والطلب الكبير عليها ليس من قبل شركات الأموال أو المصارف والمؤسسات فقط، بل حتى الأفراد باتوا بحاجة يومية لها لتحفظ أموالهم من البعثرة في الأسواق والمؤسسات، وهنا يقول المحلل الاقتصادي أحمد يوسف أن رواج المطاط يعد مؤشراً ودليل إثبات على الحالة التراكمية من التضخم في السوق والعملة، ومن وجهة نظره أن الاستحواز أو امتلاك أو تواجد الكاش بين الأيدي بات يشكل هماً جمعياً وتحدياً لحاملية، بل يمكن القول: إن تهديداً أمنياً بات يقض مضجع كل مواطن متعامل بأكوام وتلال المال الضخم، وهذا ما يضع الجهات المالية والمصرفية أما مسؤوليات حقيقية تتعلق بضرورة التعامل الالكتروني المالي “الماستر كارد” لتخفيف أعباء وأثقال تكاليف شحن ونقل وعتالة المال السوري الغارق بتضخمه. “على أبو موزه” وفي متابعة مع أحد المطلعين على آليات عمل المعامل والورش المنتجة للمطاط، هناك ما يؤكد على رفع الطاقات الإنتاجية لتلبية الطلبيات والاحتياجات وهناك ضخ يومي للمتاجر والمؤسسات والبنوك، ليقول وهو يبتسم مغتبطاً “اليوم يوم الشباب وسوقون ماشي هالأيام” و”الشغل على أبو موزه”، في غمزة منه بأن مصائب الاقتصاد التضخمية فوائد ومرابح عند مصنعي المطاط”.
بالتزامن مع تعليق لأحد مدراء المصارف العامة الذي قال: بات على مداخل البنوك عمل جديد يستغله ويستثمره “العتالون” وهو تخديم العملاء والزبائن المودعين وأصحاب السحوبات وهو حمل الصناديق والأكياس الضخمة للجهات والأفراد، هذا إذا لم يك بعض الزبائن قد أمن عمال من جهته، ليضيف مدير فرع البنك الحكومي أن بعض المؤسسات البنكية لجأت لتوظيف وتعيين مستخدمين وموظفين “من ذوي القدرة والتحمل” لرفع ونقل أثقال أكياس المال دخولاً وخروجاً
تبعات الوزن
هنا في قراءة التبعات والمنعكسات يمكن القول: إن تعاطياً مختلفاً عما هو دارج فيما سبق لحق بالاقتصاد المالي والنقدي أصاب حتى العدادات الالكترونية في مقتل إذ لم يعد بالإمكان استخدام هذه التقنية التي كانت حلاً حضارياً يوماً ما، ما حدا بالمصارف – على ذمة أحد الموظفين الموثوقين – للجوء إلى خيار الوزن بالنسبة للمبالغ الضخمة والعملاقة التي يأخذ عدها بالعدادات وقتاً طويلاً لأيام وجهداً كبيراً وعدداً لا يستهان به من الموظفين وأجهزة العد، ما اضطرهم لإجراء حل الوزن – دون الاعتراف بذلك بشكل رسمي وجهوراً تلافياً للتفكير المغلوط والتحليلات والأقاويل والشائعات التي تلامس حساسية الثقة والأمانة والتعاملات المالية الصحية والدقيقة دون أخطاء، ليخرج متعامل بالقول همساً نضطر لدفع مبالغ زيادة هوامش خطأ في تقديرات الوزن إذا اعتبرنا أنه ليس كل الفئات ونوعيات الورق بين القديمة والجديدة والنظيفة والمهترئة بنفس الوزن، عدا عن عوامل الرطوبة ووزن المطاط وإمكانية الغش باستخدام أسلوب القبان إن كان في المصارف أو على مستوى البنك المركزي – كما يؤكد أحدهم دون الحصول على أي إثبات أو وثيقه تؤكد أو تنفي المعلومة.
البعث