مع التصدير.. ولكن
انعكس إعلان السماح بتصدير خمسة آلاف طن من مادة الثوم الأخضر لمدة شهرين، وأربعين ألف طن من مادة البطاطا، سلباً على الأسواق وأسعار المفرق، فقفز كيلو الثوم من ألف ليرة إلى ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة، والبعض يؤكد تخطيه عتبة الثمانية آلاف ليرة، وقبل أن تتموّن ربات البيوت مونة الثوم، كما جرت العادة. وكذا الحال للبطاطا التي قفزت من الألف إلى ألفي ليرة بالحدّ الأدنى أي بزيادة الضعف؟!
تقول الأوساط المتابعة إن ما جرى لم يحصد نتائجه المنتجون ولا المزارعون، بل التّجار وسماسرة سوق الهال والمصدّرون الذين اشتروا كميات كبيرة من الصنفين وفق الأسعار الرائجة البخسة حينها، وأودعوها المستودعات وبرادات التخزين بقصد الاحتكار والإتجار والتحكم بتدفق المادة ووفرتها وسعرها، من جهة، والاستفادة من قرار السماح بالتصدير لهاتين المادتين من جهة ثانية، فيما المنتجون الحقيقيون بعيدون عن تفاصيل تلك اللعبة التي لم تزدهم إلا حسرة وندماً!!
أما “السورية للتجارة” فقد آثرت كعادتها متابعة المشهد وتقلباته وتداعياته عن بعد، متناسية مبرّر وجودها ودورها وأهمية تدخلها كذراع إيجابية رادعة لضبط الأسواق وحماية المنتجين والمستهلكين الذين لا يجوز تركهم ريشة في مهب الريح.
إن تحقيق التوازن بين أطراف تلك المعادلة يبدو أمراً لا ننكر صعوبته، لكنه ليس بمستحيل، وإذا تمكنا من إدارة “اللعبة” بالحنكة والدراية والعدالة الموعودة والمنتظرة، فإننا سننجح في رسم قوس وجدار صدّ يحمي الإنتاج والمنتجين والمستهلكين على حدّ سواء. وإذا كنّا مع التصدير واقتحام الأسواق الخارجية لكننا لسنا مع الخضات المحتملة لأسواقنا المحلية المتعبة والمتسوقين المنهكين أساساً من أمواج الغلاء العاتية التي لا تغادر ولا تنقطع، والاقتصاد الهشّ الذي لا شكل له ولا مضمون، والجمود والركود المهيمن، ولا بدّ من إيجاد صيغة معقولة متوازنة على قاعدة “لا يموت الديب ولايفنى الغنم”، وإلا فإننا مع كلّ موسم سنعيد المشهد والعرض ذاته وبالممثلين أنفسهم وجوقة الكومبارس والمايسترو وباقي الأدوات، لكن حذار من الجرة التي قد لا تسلم كلّ مرة، وهذا ما لا يريده ولا مصلحة لأحد فيه كما نظنّ ونعتقد!!.
البعث