توقعات رجال أعمال سورية من الانفتاح الاقتصادي العربي
الاقتصاد.. كلمة السر والقاسم المشترك بين السوريين في أحاديثهم وأمانيهم وترقبهم لتطورات الأوضاع السياسية في البلاد، وخاصة في الأشهر الأخيرة التي عادت فيها بعض العلاقات السورية-العربية، والأجواء الجديدة التي توحي ربما بعودتها مع البقية، وتحديداً بعد قمة جدة التي حضرتها سورية بعد انقطاع 12 عاماً، والغزل والترحيب العربي الواضح بعودتها.
وفي حال تحققت آمالنا بانفتاح عربي اقتصادي على سورية، هل نحن جاهزون لمثل هذا الانفتاح؟
سؤال طرحته «الوطن» على مجموعة من خبراء الاقتصاد والعاملين في المجال الاقتصادي.
طيفور: الذكي من يدخل أبواب دمشق المفتوحة بهذا التوقيت الرابح
الصناعي عاطف طيفور أوضح لـ«الوطن» أن عودة سورية للجامعة العربية سوف يساهم في تفعيل الاتفاقيات التقليدية بين سورية والدول العربية وأهمها الرسوم والجمارك والنقل والسوق الحرة العربية الكبرى، وهذا سينعكس بشكل تلقائي على ارتفاع نسبة الصادرات ما يعزز ارتفاع نسبة الإنتاج، وهذه أهم بنود توازن الميزان التجاري العام وسعر الصرف ونسبة التضخم ونسبة البطالة. موضحاً أن عودة الاستثمارات العربية إلى سورية بدهي في توقيت حرج لجميع الدول العربية التي تبحث عن أسواق خارجية لتفادي الركود والتضخم والعجز العام.
وأكد طيفور أن أبواب دمشق مفتوحة للجميع، وأيام قليلة وستتحول سورية إلى ورشة عمل دولية، بفرص استثمارية لا متناهية، والذكي من يدخل أبواب دمشق المفتوحة بهذا التوقيت الرابح، لافتاً إلى أنها فرصة استثمارية لكل رأس مال وطني وعربي ودولي، والسوق السوري هو الوحيد بالمحيط الإقليمي العطش لجميع المواد دون أعباء تسويقية، والذي يمتص أي مادة مستوردة من الميناء وقبل دخولها الأسواق، وأي مادة مصنعة من الماكينة حتى قبل تغليفها، وأي مادة زراعية حتى قبل حصادها.. وأضاف إنه بعد استكمال البيئة التشريعية والقانونية الداخلية، تم استكمال البيئة السياسية الخارجية، وما نسمعه من البعض ضد الانفتاح، ما هو إلا خوف من رأس المال الجديد لتحجيم المنافسة.
درويش: القادم يبشر بمشهد اقتصادي مبهر
رئيس اللجنة العليا للمستثمرين في المناطق الحرة ورئيس الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة فهد درويش أبدى تفاؤله بهذا الحدث الذي وصفه بالإستراتيجي والمهم لسورية عبر مشاركتها في اجتماع كبار المسؤولين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لأعمال القمة العربية، مؤكداً أن هذا الحدث سيكون نقلة نوعية في العمل والتعاون العربي المشترك وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الأشقاء، والذي بدوره سينعكس في تحقيق النمو بكل أشكاله لجميع الدول المشاركة ومنها سورية التي عانت من ويلات الحرب والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة عليها.. وختم بالقول:إن القادم يبشر بمشهد اقتصادي مبهر يعود بالخير على سورية والمنطقة العربية.
سمحا: سورية وسيط تجاري وصناعي للمنطقة العربية
نور الدين سمحا عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها أكد لـ«الوطن» أن عودة العلاقات السياسية بين الدول تعتبر نقلة إيجابية ونوعية للمنطقة العربية كاملة، موضحاً أن هناك آمالاً كبيرة معقودة على الانفتاح الاقتصادي العربي على سورية التي تعتبر قلب المنطقة لما لها من موقع وباعتبارها وسيطاً صناعياً وتجارياً، لافتاً إلى أن الآمال كبيرة بعودة العلاقات الاقتصادية والصناعية مع دول الخليج وخاصة مع السعودية التي كانت بينها وبين سورية علاقات واسعة وتبادلاً تجارياً كبيراً باعتبار السعودية سوقاً كبيرة من أهم الأسواق للسلع السورية المرغوب فيها من المواطن السعودي.
أحمد: الاستفادة الاقتصادية مرهونة بانتهاء الضغوط
الباحث في شؤون القضايا الدولية والسياسية الأستاذ عبدالله أحمد بين أن الأثر الاقتصادي لعودة سورية لمقعدها في جامعة الدول العربية يحتاج إلى وقت طويل ليظهر.
وأشار أحمد في تصريح خاص لـ«الوطن» إلى أن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى مقدمات كبيرة وعمل على أرض الواقع، وسورية مازالت تعاني مشاكل كبيرة، مشاكل بالإنتاج، ومشاكل لها علاقة بإعادة الإعمار، وهناك مشاكل بنقص السيولة الداخلية، فسورية خارجة من حرب دامت لسنوات، موضحاً أن حل هذه المشاكل يحتاج لإعادة تفعيل الإنتاج، ودعم مالي ونحن مازلنا في البدايات وموضوع التعافي يتطلب سنوات طويلة من العمل.
وأثنى أحمد على عودة العلاقات السورية السعودية على وجه الخصوص، والعلاقات العربية عموماً، معتبراً أنها خطوة إيجابية جداً، ونافذة جديدة على كل الصعد، لكن تحسن الوضع الاقتصادي على أرض الواقع يتطلب مقدمات مختلفة تماماً، فلا يكفي الحديث عن ضرورات العودة بقدر ما يتطلب تفعيل هذه العودة على أرض الواقع وهو مرهون بانتهاء الضغوط الغربية الأميركية بقوانين قيصر وغيرها، فكيف سيتم فتح باب إعادة الإعمار بمشاركة دول عربية وتحويل الأموال لسورية ما دام أنه ممنوع؟ إضافة لوضع الحدود مع تركيا، والشرق مع الفصائل الانفصالية، وكل هذا مرهون بحلحلة الوضع السياسي لينعكس إيجاباً على أرض الواقع اقتصادياً.
وأوضح أحمد أن الأمل حالياً من هذه العودة هو عدم الرجوع للوراء لما هو أسوأ، على الأقل، فهي بداية علاقات جديدة وانفتاح إيجابي جداً، لافتاً إلى أن هذا الانفتاح يتطلب رسم سياسة اقتصادية داخلية جديدة وبيئة تشريعية معينة على مستوى الاستثمار والجذب الخارجي وتقديم التسهيلات.
فضلية: متفائلون لكن الأمر يحتاج لوقت وتعديل تشريعات واستصدار أخرى جديدة
الدكتور في كلية الاقتصاد عابد فضلية أكد أن الجواب المنطقي والصحيح على هذا السؤال غير ممكن حالياً، رغم أننا متفائلون بذلك، لأن حدث عودة سورية إلى مقعدها في جامعة الدول العربية لا يكفي وحده لكي يتهافت المستثمرون وتعود الاستثمارات، إذ إن عودة العلاقات التجارية والاستثمارية مرتبطة بالانسجام السياسي والدبلوماسي السوري العربي، وهذا سيتضح بعد القمة العربية من خلال استمرار وتجسد التوافق السياسي البيني على أرض الواقع وأعتقد أن هذا سيحدث، وبعدها مباشرة يبدأ التبادل التجاري والتجارة الخارجية البينية لأنها مجرد صفقات تبادلية. أما بالنسبة لتوطيد علاقات اقتصادية استراتيجية استثمارية والاتفاق على إقامة مشروعات صناعية وزراعية وعقارية وبنكية مشتركة (وهذا هو الأهم بالنسبة لنا) فيتطلب بعض الوقت، لأنه سيكون موازياً بالتوقيت والجدية مع استمرار وتعمق التوافق السياسي والتجاري.
فضلية أضاف: إن السياسة والدبلوماسية قد يكون لها أبعاد ومحفزات ودوافع عقائدية و/أو قومية و/أو دينية و/أو مذهبية و/أو تاريخية… إلخ، في حين العلاقات الاقتصادية الاستثمارية الاستراتيجية المستدامة تقوم على أسس عقلانية ربحية مدروسة، وبعد دراسات الجدوى المادية وربما الاجتماعية أيضاً، وبالتالي يتطلب ترسيخها أرضية سياسية ودبلوماسية صلبة، إضافة إلى بيئة تشريعية اقتصادية مناسبة ومناخ استثماري مناسب ومشجع، وأمان واستقرار أمني مستدام ومطلق، كما يتطلب وجود حد أدنى من المصالح المشتركة.
لذا – وفق فضلية – فإن توفير هذه الشروط وتحقيق هذه الأسس يتطلب وقتاً وجهداً ودراسات مستفيضة ليست سهلة ولا يمكن توفيرها بين ليلة وضحاها (كما الأمر بالنسبة للتبادل التجاري)، كما يتطلب – وهذا الأهم – بيئة تشريعية مناسبة، ولتوفير هذه البيئة سيتطلب الأمر من الجهات الحكومية ذات الصلة مراجعة ودراسة كل التشريعات ذات الصلة، وتعديل النافذ منها، واستصدار الجديد اللازم والمناسب من هذه التشريعات، وقد يتطلب ربما إلغاء بعض التشريعات النافذة واستصدار تشريعات استثنائية لحالات محددة تراها الحكومة لازمة ومناسبة.
لذلك علينا ألا نتعجل لرؤية ولمس نتائج اقتصادية سريعة على أرض الواقع، لكن بالمقابل علينا أن نتفاءل حتماً بما هو متوقع من نجاح صيغ للتعاون الاقتصادي الاستراتيجي المناسب الذي يحقق، بل يجب أن يحقق مصالح جميع الشركاء والأطراف.
الوطن