هل أصبحت الصناعة السورية خارج المنافسة؟ … الصناعة لا تنتعش في ظل القيود وجمود الملف الاقتصادي
أكد عدد من الصناعيين أن إنعاش القطاع الصناعي يحتاج إلى دراسات أكثر تعمقاً واتساعاً وشمولية من حالة الترقيع القائمة اليوم، وتتطلب البحث في حلول واقعية لا تتعلق بالمرحلة المعيشة الآن فقط، وإنما تمتد لمرحلة ما بعد الانفتاح على سورية ومرحلة إعادة الإعمار.
وقال الصناعي (غ ع) المختص بصناعات الآلات الصناعية: نحن نعمل منذ بداية الأزمة ونقاوم حتى لا نغلق معاملنا، وخفت مبيعاتنا من قطعتين في الأسبوع قبل الأزمة إلى قطعة واحدة في العام، وتخلينا عن عدد كبير من عمالنا، وتراكمت المشكلات في وجه الصناعة بسبب سوء إدارة موارد البلاد، ومع ذلك فنحن اليوم ننتظر الأمل والانفتاح الاقتصادي للخروج من عنق الزجاجة.
وأشار إلى انعدام الأسواق الخارجية وغياب المنافسة تماماً بالنسبة للصناعي السوري، والسبب من وجهة نظره أن الكثير من الخبرات السورية نقلت أعمالها وخبرتها وفتحت معامل ومنشآت صناعية في الدول العربية، وتعمل من دون توقف منذ سنوات، ولا يمكن للصناعي السوري الموجود في البلد أن ينافس الصناعي خارج البلد وخاصة في ظل الظروف الحالية، والتوقف شبه التام لبعض الملفات الاقتصادية التي تشارك في تحريك الأموال وتقليبها، واستثمار فائض هذه الأموال في الصناعة إضافة إلى القيود الكبيرة في سحب وتحويل الأموال والكارثة الكبيرة في تقلبات سعر الصرف والجمارك.
واعتبر الصناعي السوري أن الحلول المقدمة لمعالجة حركة الإنتاج والتصريف والتصدير اليوم ترقيعية وليست حلولاً مستدامة، والحل هو السماح للصناعي بالعمل بحرية من الاستيراد والتصنيع وإعادة إخراج بضاعته وتصديرها، وعندها سيتم إدخال العملة الصعبة إلى البلد أكثر من إخراجها.
وأكد أن القدرة التنافسية للمنتج الصناعي السوري تضعضعت في الأسواق الإقليمية والخارجية، والسبب الأساسي لتضعضعها هو ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل غير مسبوق ومستمر، وتزايد المشاكل المؤثّرة مباشرة في حركة الإنتاج، وصعوبة تأمين المواد الأولية المستوردة، إذ من أصل 10 مستلزمات لإنتاج قطعة تجد 6 منها متوفرة، واثنتين تأمينهما صعب والباقي بشق الأنفس وبكلف عالية.
وكشف رئيس منطقة العرقوب الصناعية في حلب تيسير دركلت لصحيفة «الوطن» أن وجود أربع تسعيرات لسعر الصرف وضع الصناعي في حالة عجز عن حساب تكاليف منتجاته، معتبراً أن تخفيض الرسوم الجمركية من شأنه تخفيض أسعار السلع بنسبة كبيرة.
وحول الحلول التي يمكن أن تساعد في عودة الانتعاش للقطاع الصناعي بين دركلت أن الحلول قدمت أكثر من مرة للحكومة، والجميع يطالب بها مثل حل موضوع ارتفاع الرسوم الجمركية وتكاليف الإنتاج التي جعلتنا خارج أي منافسة للأسواق المجاورة أو العربية، وهموم ومشكلات الصناعيين تعرفها الحكومة جيداً لكن للأسف الاستجابة تكاد تكون معدومة.
وأشار دركلت إلى أن مبيعاته منخفضة بسبب الشلل الموجود في الأسواق وارتفاع الأسعار التي تدفع المعامل والقطاع الحكومي إلى رفع أسعار خدماته قبل القطاع الخاص، وارتفاع كلف الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة، وهذه الكلف سيدفعها المستهلك في نهاية الأمر ومع ذلك تجد أن تدني الرواتب والأجور يمنع شريحة كبيرة من الاستهلاك والشراء، وتوقف عملية البيع والتصنيع، مستغرباً كيف يتم تسعير المواد المستوردة بسعر مرتفع بينما المنتجات المصنعة والمنتجة محلياً تُسعر بسعر بخس.
ودعا دركلت إلى إعادة النظر بالمنصة وفوائدها اليوم مع المتغيرات الاقتصادية التي حصلت، ودراسة الجدوى من وجودها، وقال: إن الصناعة لن تنتعش ما لم يتم ترك الصناعي السوري يعمل من دون قيود وتخفيف الكلف إلى أقصى حد ممكن، عندها سيعود الإنتاج إلى سابق عهده وستتم إعادة تشغيل العمالة، مؤكداً أن إنعاش القطاع الصناعي بحاجة إلى دراسة معمقة تشمل جميع الجوانب لأزمة الصناعيين، والأسواق المجاورة، والتغيرات التي حدثت من فتح صناعيين سوريين خارج البلد مشروعات للمنتجات الصناعية نفسها التي يتم تصنيعها ضمن البلد، ويعملون في ظروف وتسهيلات كبيرة، وللمنافسة نحن بحاجة إلى تسهيلات وظروف عمل مشابهة أو قريبة من ظروفهم.
الوطن