لماذا ارتفعت الأسعار بعد الزلزال؟!عضو غرفة تجارة:مخزون المواد انخفض نتيجة الاستجرار للمتضررين من الزلزال فارتفعت الأسعار
لم يعد خافياً على أحد واقع الأسواق وحالة الغليان غير المسبوقة التي تشهدها الأسعار حالياً، فالتفاوت واضح بشكل جلي بين محل تجاري وآخر، والاحتكار ازداد قياساً لفترة ما قبل الزلـزال، وذريعة ارتفاع سعر الصرف باتت الأسطوانة المشروخة المكررة والمبرر الوحيد للتاجر لرفع السعر، فهل استغل بعض التجار انشغال الحكومة بتأمين متطلبات المتضررين من الزلزال وقاموا برفع الأسعار؟ وهل تقوم وزارة التجارة الداخلية بمهامها بمتابعة واقع الأسواق وضبط المخالفين خلال الفترة الحالية أم إنها بعد قرار تحرير الأسعار وانشغالها بتأمين حاجات ومتطلبات المتضررين من الزلزال أهملتها؟
عضو مجلس الشعب زهير تيناوي بين في تصريح لـ « الوطن « أن ضبط الأسعار في الأسواق وتثبيتها أمر منوط بوزارة التجارة الداخلية لكن للأسف هناك غياب واضح للوزارة عن أداء مهامها بهذا الاتجاه وغياب واضح لتطبيق الهدف الرئيسي للوزارة وهو حماية المستهلك وخصوصاً في ظل الظروف العصيبة التي تعيشها سورية حالياً، موضحاً أن الأسعار تحلق يومياً لأن التاجر يسعر المواد وفقاً لأهوائه ورغباته مستغلاً الغياب الواضح لعناصر الضابطة التموينية.
وأضاف: إنه يجب في أوقات الكوارث أن يكون العديد من الجهات العامة مثل وزارتي التجارة الداخلية والاقتصاد في حال استنفار كامل لتأمين حاجات المواطنين وحتى وزارة الزراعة المعنية بالإنتاج المحلي، مشيراً إلى أنه من غير الطبيعي أن تكون سورية من البلدان المنتجة لمادة أساسية مثل مادة البصل ويتم استيرادها من الخارج! متسائلاً ما أسباب ومبرر اتخاذ قرار من اللجنة الاقتصادية خلال شهر آب من العام الماضي بتصدير مادة البصل ومن ثم السماح باستيرادها اليوم بسعر أعلى من السعر الذي تم اعتماده عند تصدير المادة؟
وأشار تيناوي إلى أن الحكومة تعتبر المعني الأول عن الانفلات الواضح في الأسواق حالياً وتقع عليها كامل المسؤولية بهذا الاتجاه، كما أنها مسؤولة عن عدم اتخاذ إجراءات رادعة بحق المحتكرين ومن يتلاعبون بقوت الشعب ومواده الأساسية وخصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية الحالية والظرف الكارثي الذي تعيشه البلاد والذي يستغله بعض التجار لتحقيق مكاسب مادية.
وأكد تيناوي أن المواد الإغاثية التي تأتي من الداخل والخارج للمتضررين من الزلزال متوفرة بكميات كبيرة، لكن هذا الأمر لا يعني أن يحصل انفلات في الأسعار وألا يتم مراقبة المنتجين والتجار ومحاسبتهم.
ولفت إلى أن تذبذب سعر الصرف ليس جديداً وأصبح اليوم هناك تقارب بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي وهذا أمر إيجابي لكن الملاحظ أن تسعير المواد في السوق لا يتم بناء على سعر الصرف الرسمي المتداول أو السعر الموازي، إنما يتم التسعير بأعلى من ذلك بكثير وهذا الأمر يشير إلى وجود تضخم غير منطقي وغير مقبول وغير موجود في الأساس، موضحاً أن التسعير حالياً لا يستند إلى تكاليف صحيحة.
وطالب تيناوي في ختام حديثه وزارة التجارة الداخلية بضرورة تأكيد موضوع التكاليف ودراستها بعناية وتثبيت أسعار المواد ومحاسبة من يخالف من التجار، مشدداً على ضرورة القيام بالمحاسبة العلنية للمخالفين من التجار عبر وسائل الإعلام لكي يكونوا عبرة للآخرين.
من جهته، الخبير الاقتصادي الدكتور حسن حزوري قال: إن تحرير الأسعار يلعب دوراً سلبياً، حيث أصبح تاجر الجملة يقدم الفاتورة التي يريد ثم تقوم الجهات الرقابية بالتسعير وزيادة الربح وفقها، في حين يجب على الجهة المنتجة أو المستوردة أن تقدم فواتير تكلفة وعلى أساسها يتم التسعير.
مضيفاً إنه أحياناً يكون هناك فروقات في بعض المواد بين متجر وآخر بالمنطقة نفسها وبفارق آلاف الليرات، بسبب غياب الرقابة، وعدم قيام جمعيات حماية المستهلك بدورها، وأكد أن نسبة زيادة الأسعار تصل إلى خمسين بالمئة بين ما قبل الزلزال وما بعده من دون مبرر.
وعند طرح فكرة أنه من المفترض أن تنخفض الأسعار في ضوء المساعدات قال حزوري: في الأسبوع الأول بعد الزلزال كانت الزيادة على أسعار المواد الغذائية مبررة، وذلك بسبب ارتفاع الطلب عليها، حيث قام الناس بتحضير سلل غذائية في جميع المحافظات، ولم يقوموا بالتدقيق على أسعار مكونات هذه السلل مما دفع قسماً كبيراً من التجار لرفع الأسعار إضافة إلى زيادة الطلب مع بقاء العرض بالكمية نفسها ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، مثلاً مطاعم الوجبات الجاهزة رفعت أسعارها بسبب زيادة الطلب، ووصل كيلو اللحمة إلى 75 ألف ليرة في حلب، وذلك على مبدأ زيادة الطلب مع ثبات العرض يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وأكد حزوري أن أحد أسباب الارتفاع هي طريقة التمويل عن طريق المنصة للمستوردات، مقترحاً أن يسمح للمستورد بالاستيراد بغض النظر عن مصدر التمويل حيث هناك بعض المواد المستثناة من التمويل عبر المنصة ولكن يجب أن تنسحب على استيراد كل شيء، ذلك إضافة إلى ضرورة ضبط الأسعار من البيان الجمركي الذي يقدمه تاجر الجملة أو المستورد وليس من تجار المفرق، وضرورة تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك حيث يجب أن تكون داعمة إلى جانب الجهات الرقابية.
ومن أسباب ارتفاع الأسعار أيضاً حسب حزوري، استمرار تصدير المواد الغذائية والخضر والفواكه، من دون أي اعتبار للأمن الغذائي، وهذا التصدير آثاره السلبية أكبر بكثير من إيجابيات الحصول على القطع الأجنبي، مضيفاً إن هناك الكثير من قرارات اللجنة الاقتصادية تصدر من دون وجود أي دراسات لبيان أثرها على مستوى معيشة المواطنين أو التضخم، ولنا في موضوع السماح بتصدير البصل خير مثال، وهذا ينطبق على العديد من المواد الغذائية الأخرى، المفترض في هذا الظرف الحرج، أن نعيد النظر بموضوع تصدير كل مادة، غذائية أو منتج زراعي، إذا لم يكن هناك فائض حقيقي عن الطلب.
بدوره أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر اكريم لـ«الوطن» أن المخزون الموجود من المواد حالياً لا يفي بحاجة أزمة الزلزال، والذي حصل أن المخزون من المواد انخفض نتيجة استجرار كميات من المواد للمتضررين من الزلزال ومن الطبيعي عندما ينخفض المخزون ترتفع الأسعار.
وأضاف: إننا كتجار طالبنا مراراً وتكراراً منذ زمن أن يكون هناك مخزون إستراتيجي من كل المواد بل زيادة في المواد لتفادي حصول أي أزمة، مشيراً إلى أنه لولا الدعم المقدم للمتضررين من الزلزال من الداخل والخارج لكنا شهدنا ارتفاعاً أكبر من الارتفاع الحالي بأسعار المواد نتيجة قلة توفرها.
ولفت إلى أنه من المفترض في الظرف الحالي أن يكون توريد المواد من خارج منصة تمويل المستوردات وأن يكون هناك ليونة أكثر بهذا الموضوع، مؤكداً أن التعقيدات بالنسبة لتوريد المواد مازالت موجودة وما يجري حالياً أنه يتم استثناء بعض المواد بالتدريج من التوريد عبر المنصة، ومن المفترض أن يتم استثناء كل المواد المطلوبة لمساعدة المتضررين من الزلزال والخاصة بإعادة ترميم منازلهم من التوريد عبر المنصة مثل مواد البناء والخاصة بإعادة الإعمار وقطع تبديل الآليات وأن يتم السماح بدخول هذه المواد بسلاسة وأن يتم إعفاؤها من الضرائب والرسوم الجمركية بشكل كامل.
الوطن