بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

أمريكا للعالم: ممنوع إنقاذ السوريين من الكوارث الطبيعية!

الثلاثاء 14-02-2023 - سنة - 2198 قراءة

لم تتردد الإدارة الأمريكية بعد الزلزال المدمر الذي تسبب بكوارث إنسانية في كل من سورية وتركيا، لم يسبق لها مثيل منذ قرنين من الزمن، باتخاذ قرار ملزم للمجتمع الدولي: ممنوع إنقاذ السوريين من الكوارث الطبيعية.

وقد تجاوبت دول كثيرة مع هذا القرار، إما طوعاً أو عجزاً، ومن تمرّد لم يستطع أن يقدم مايحتاجه شعب سورية من مستلزمات الإغاثة المفقودة لدى الجهات العامة والخاصة، بفعل حصار أمريكي استهدف الشعب السوري منذ عام 2011، ولاسيما بعد تشديد العقوبات في عام 2017، وفرضها على كل دولة تقدم مساعدة لسورية حتى لو كانت سيارة إسعاف.

ماذا كان يحتاج السوريون الذين تعرّضوا لأكبر نكبة في التاريخ الحديث صبيحة وقوع الزلزال يوم الاثنين 6/2/2023؟

كانوا يحتاجون إلى أربعة أنواع من الإغاثات العاجلة التي لاتحتمل أي تأجيل:

الأولى: آليات ثقيلة متخصصة برفع الأنقاض بسرعة لانتشال الأحياء، وهذه الآليات غير متوافرة في سورية لا لدى الجهات الحكومية ولا لدى القطاع الخاص، ولولا قانون قيصر لتمكّنت الدول العربية المجاورة لسورية كلبنان والأردن، والبعيدة نسبياً كمصر والإمارات والسعودية..إلخ من تأمينها خلال أقل من 24 ساعة، ولو فعلت هذه الدول واجبها الإنساني وتمرّدت على قانون قيصرـ لكان عدد الأحياء المنتشلين من تحت الأنقاض كبيراً جداً، بدليل تمكن الدفاع المدني من انتشال أحياء من تحت الأنقاض بعد مرور أكثر 100 ساعة على وقوع الزلزال، أي بعد أن تأمّن عدد من هذه الآليات من لبنان.

ولو أصدرت الإدارة الأمريكية قراراً يستثني إرسال الآليات الثقيلة إلى سورية، لسارعت الدول العربية(باستثناء قطر والكويت والمغرب) لإرسال هذه الآليات سريعاً، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية ومن التزم بقرارها(ممنوع إنقاذ السوريين) ينطبق عليهم وصف مجرم حرب.

الثانية: تقنيات البحث عن الأحياء تحت الأنقاض كالروبوتات الصغيرة والمجسات الحرارية لتحديد أماكنهم وتزويدهم بالأوكسجين..إلخ، وهذه التقنيات غير متوافرة إلا لدى دول قليلة، وقد منعت الإدارة الأمريكية من يمتلكها بإرسال مايلزم منها لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض، ما اضطر فرق الدفاع المدني السوري والقادم من دول صديقة إلى الاعتماد على وسائل بدائية، وعلى الخبرات الشخصية السابقة بالبحث عن الأحياء تحت الأنقاض، لإنقاذهم من موت محتم إن لم ينتشلوهم قبل فوات الآوان، وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية ومن التزم بقرارها هم مجرمو حرب امتنعوا وفق القوانين الدولية عن إنقاذ أرواح بشرية من الموت.

الثالثة: سيارات إسعاف مجهزة بالتقنيات اللازمة لإبقاء المصابين من الزلزال على قيد الحياة أثناء نقلهم إلى المشافي، وهذه السيارات لم تكن متوافرة بالعدد الكافي لأنها تعرضت للنهب والتدمير من العصابات الإرهابية، ولأن الإدارة الأمريكية منعت تزويد سورية بأي سيارات إسعاف متطورة خلال الأعوام الماضية، وألزمت الدول التي تملكها بعدم إرسالها إلى سورية بعد الزلزال التزاماً بقرارها(ممنوع إنقاذ السوريين من الكوارث)، ولم يصل العدد الذي تبرع به بعد الدول إلى المحافظات المنكوبة إلا بعد عدة أيام، ما تسبب بموت عشرات المصابين الذين وصلوا متأخرين جداً إلى المشافي، وهذا منتهى الإجرام الأمريكي، ومجرم كل من تردد بتزويد الشعب السوري بسيارات إسعاف في اليومين الأولين لوقوع الزلزال.

الرابعة: إغاثة المشافي السورية بما تحتاجه من معدات وأجهزة ومستلزمات العلاج منذ اليوم الأول، فكثير من المصابين لم يتلقوا العلاج أو يخضعوا للعمليات الإسعافية والجراحية بفعل افتقار المشافي الحكومية والخاصة للحد الأدنى من المستلزمات، ولم يكن الشعب السوري يحتاج في الأيام الأولى إلى الأدوية العادية ولا إلى الحرامات والأغذية، ومستلزمات الإغاثة، وإنما إلى كل مامنعت الإدارة الأمريكية توريده إلى سورية للمشافي منذ عام 2012، وبالتالي فالكثير من نجا من الزلزال في الدقائق الأولى، قضى نحبه بفعل نقص الأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية النوعية، وهذه جريمة وحشية برقبة أمريكا وبرقاب كل من امتنع عن تأمينها للشعب السوري في ذروة احتياجاته لها أي في كارثة طبيعية لم تتكرر منذ قرنين.

أما ما أتى إلى سورية خلال الأيام الماضية من مساعدات، فعلى الرغم من أهميته وحاجة الشعب السوري لايلغي التقصير الذي حصل في الـ 72 الأولى للزلزال، وكان يمكن للآليات الثقيلة، وتقنيات تحديد أماكن المحاصرين تحت الأنقاض، وسيارات الإسعاف الحديثة، وتجهيزات المشافي النوعية أن تنقذ آلاف الناس تماماً مثلما أنقذتهم في تركيا.

نعم، لم يكن الشعب السوري المنكوب بأكبر زلزال مدمر منذ قرنين من الزمن يحتاج في اليومين الأولين على وقوع الكارثة، إلى سيارات إسعاف وإطفاء عادية، وإلى مسعفين وعمال إنقاذ، وإنما إلى آليات ثقيلة ورافعات عملاقة قادرة على تحريك أسقف المباني المنهارة دون تحطيمها لاحتمال العثور على ناجين تحتها، وإلى تجهيزات للمشافي لمعالجة المصابين، وكل هذه الآليات والمعدات والمستلزمات منع وصولها المجتمع الغربي المتوحش والقاتل التزاماً بقرار الإدارة الأمريكية: ممنوع إغاثة السوريين في الكوارث الطبيعية.

الخلاصة: لولا بعض المساعدات المحدودة التي تأخرت بالوصول إلى سورية باستثناء المساعدات الإيرانية والعراقية والجزائرية والإماراتية،مقارنة بما تلقته تركيا، لصدّقنا النكتة السوداء التي شاعت في اليومين الأولين للزلزال المدمر: (إن الحكومات العربية والإسلامية توجّه تعازيها إلى سورية، والمساعدات المادية إلى تركيا).

علي عبود

غلوبال


أخبار ذات صلة