باحث اقتصادي يقترح اجازات مأجورة للموظفين
كتب د. علي محمد
لنمنح إجازات مأجورة "لعام" لمن يرغب بشرط،،،،
لمن يهمه الأمر، وتحديداً "وزارة التنمية الإدارية" التي بشّرتنا منذ فترة، بالمدة "الغير قصيرة" التي يتطلبها الإصلاح الإداري في سورية، بعد فترة "غير قصيرة" على انطلاق عملها،،،
يظهر للقاصي والدّاني جلياً الوضع الاقتصادي في سورية، ولا داع للغوص فيه، وكذلك من المعروف أيضاً تدني مستوى رواتب وأجور الموظفين في القطاع العام وعدم قدرة أية منحة أو زيادة على هذه الأجور من مجاراة غول التضخم الذي أضحى سمةً للاقتصاد السوري نتيجةً لعدة أسباب وعوامل متشابكة ببعضها البعض لا داع للغوص فيها أيضاً.
أمام هذا الواقع الاقتصادي المتردي، وأمام هذه المسلّمات المتعلقة بمستوى الرواتب وعدم استطاعة أي تحسين فيها على إعادة ألقها، تظهر الخيارات التالية:
الأول: إبقاء الواقع على حاله على مبدأ (ما باليد حيلة، هذا أفضل ما يكون)
أعتقد أن هذا الخيار غير إيجابي لجهة الموظف والحكومة والاقتصاد.
الثاني: العمل الحكومي على مضاعفة كتلة الرواتب عدة أضعاف بما يجاري التضخم.
أعتقد أن هذا الخيار غير ممكن حكومياً (كما يُستشف من التصريحات ومن القرارات المتتالية) لضعف موارد الخزينة من ناحية، ولبعض المحاذير الاقتصادية لهذا الإجراء من ناحية أخرى.
الثالث: تقليص عدد موظفي القطاع العام وتوجيه الفائض منهم للعمل الحر المنتج، وذلك وفق مصفوفة دقيقة يتم العمل عليها بحيث تبيّن الحاجة العددية الفعلية للموظفين بحسب مجالات كل مؤسسة او وزارة، مع ضمان التأكيد على سير أعمال القطاع العام دون أي تراجع، حيث يقدر عدد الموظفين بما يقارب 2.2 مليون موظف، وهذا رقم ليس بالقليل أبدا، وقد ينتج عن هذه المصفوفة فرز عدد جيد للإجراء التالي.
الإجراء الذي أقصده يُحاكي بدرجة كبيرة مع ما تعزم حكومة الإمارات تطبيقه مطلع العام 2023، وهو منح إجازة التفرغ للعمل الحر، والذي يهدف إلى تمكين وتحفيز الكوادر والمواهب من الموظفين للدخول في عالم الأعمال وتأسيس مشاريعهم الخاصة بهم، بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري.
حيث (وبمحاكاة مقررات الحكومة الاماراتية) تكون مدة إجازة التفرغ للعمل الحر التي تمنح للموظف من أجل تأسيس أو إدارة مشروعه الاقتصادي سنة واحدة مدفوعة الأجر، وقد تصبح بعدها اجازة دون راتب لأجل مسمّى، على أن يتم إصدار القوانين الخاصة بذلك والتي يفترض أن تنظم آلية وإجراءات منح الوزارات لهذه الإجازة.
وهذا يتطلب أن تتظافر جميع الوزارات المعنية بهذا الأمر بإعداد دليل للمشاريع الاقتصادية التي يحبّذ العمل بها من قبل الموظف المتفرّغ والتي يتم اختيارها بحيث تسهم في تنشيط الاقتصاد بما يدعم إقلاع تعافٍ اقتصاديٍ ما، وتكون هذه المشاريع هي الأساس الذي يساعد الوزارات بالبت في طلبات الموظفين للحصول على إجازة تفرغ لأعمالهم.
نعم، قد يقول قائل، ومالذي سيسطيع فعله وتأسيسه موظف ما عاش نصف عمره (أقل او اكثر) بين المكاتب والمعاملات ووو،،،؟؟
بالطبع هذا تحدٍ كبير (قد) يتم التغلب عليه من خلال قيام الوزارات المعنية (الاقتصاد، التنمية الادارية، الزراعة، الصناعة) ومؤسساتهما بالأدوار المنوطة بهما، سواء من ناحية بناء حاضنات أعمال أو تفعيل هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بهذا الشق تحديداً، والعمل على بناء وصقل قدرات الموظفين للغوص في مشاريعهم الخاصة بنجاح، وغيره من بناء الأرضية اللازمة لذلك.
نعم، قد يقول قائل، ومالذي سيسطيع فعله وتأسيسه موظف لا قوة مادية تسنده؟
أيضاً هذا تحدٍ كبير (قد) يتم التغلب عليه من خلال خلق منتجات مصرفية (قروض تنموية) من المصارف ومصارف التمويل الأصغر نحو هذه الفئة تحديداً، وقيام مؤسسة ضمان مخاطر القروض بتقديم الضمانات على القروض لسقوف معينة تختلف باختلاف المشروع، وكذلك القيام بتقديم الدعم لهؤلاء الموظفين ومشاريعهم من خلال برنامج دعم أسعار الفائدة بما يخفف من عبء الدَّين عليهم.
طبعا هذا الاقتراح يتطلب تعاون كافة الجهات والوزارات في استراتيجية موحدة لذلك، سواء وزارة التجارة الداخلية من ناحية التراخيص والمستندات المطلوبة للمشاريع، او من ناحية تسويق وشراء منتجات هذه المشاريع، او وزارة المالية من ناحية الاعفاءات الضريبية، وغيرها من الوزارات..
الخلاصة:
1_تقليص أعداد موظفي القطاع العام (الفائضة).
2_ توجيه كتلة الرواتب المخصصة للموظفين الذين تفرغوا لأعمالهم الخاصة إلى باقي الموظفين كزيادة في الرواتب.
3_تطوير وتوسيع القاعدة الانتاجية من خلال اقتحام الموظفين المتفرغين لسوق العمل وبناء مشاريعهم الخاصة، وتأثير ذلك المباشر على مؤشرات الاقتصاد السوري.
4_خلق موارد مالية للمصارف من خلال تشغيل سيولتها بقناة تسليفية جديدة ذات مخاطر مقبولة.
5_ تعميم ثقافة العمل الحر وتبيان انعكاسه المادي الايجابي لصاحبه.
الخ...