خالد عبود: عندما تدخّل السيد رئيس المجلس، على مداخلة الزميل الناصر، كان تدخّلاً صحيحاً.
"صرخةُ النّاصر"..
وأوجاعُ السّوريّين!!..
-تواصل معنا كثيرٌ من الأبناء والأخوة والأصدقاء، يسألون عن حقيقة مداخلة عضو مجلس الشعب السيد ناصر الناصر، وعن موقفنا ورأينا بهذه المداخلة..
-نعم هذه مداخلة صحيحة، وهي واحدةٌ من عشرات المداخلات التي تعتبر "صرخة غضب"، في وجه ما يلاقيه السّوريّون، ومن حقّ الزميل الناصر أن يقول ما يشاء تحت القبّة، فعضو مجلس الشعب دستوريّاً، يتحدّث "بهدي من ضميره"..
-مشكورٌ الزميل الناصر على مداخلته، والتي لامست الحالة العامة لوجع السوريّين، حيث جاءت "صرخة غضب"، قد يراها البعض، بأنّها لا تحمل في سياقاتها تركيزاً، ولا تقدّم حلّاً، ولا توصّف واقعةً، لكنّنا نراها في السّياق المعنويّ، عبّرت عن أوجاع وآلام جميع السّوريّين!!..
-إنّ "الصّرخة" الغالية التي وجّهها الزميل الناصر، هي واحدةٌ من عشرات مداخلات الزملاء الآخرين، لكنّ تلك "الصّرخات" والوقفات المشرّفة، لعشرات الزملاء الأفاضل، لم تصل إلى الجمهور، وبقيت حبيسة جدران القبّة..
-إنّ الفارق بين مداخلة الزميل الناصر، وبين عشرات بل مئات المداخلات الغاضبة والمشرّفة الأخرى، أنّ الأولى وصلت إلى الجمهور، وأنّ كثيراً من مداخلات الزملاء الآخرين، لم تصل ، لهذا كنّا نصرّ على أن جلسات مجلس الشعب، ومداخلات الزملاء، يجب أن تصل جميعها إلى الجمهور، وهذا حقٌّ من حقوق الجمهور علينا..
-وهناك سؤال آخر، طرحه علينا بعض من تواصل معنا، حول قول السيد رئيس المجلس للزميل الناصر: "لا تمثّل إلاّ نفسك"، وتساءل البعض، هل يحقّ لرئيس المجلس أن يقول للزميل الناصر مثل هذا الكلام، وهل صحيحٌ أنّ السيّد الناصر لا يمثّل إلا نفسه؟!!..
-في صرخة الزميل الناصر التبست على الكثيرين أمورٌ عديدة، وهي تفاصيل برلمانيّة لها علاقة بطريقة إدارة الجلسة والنظام الداخليّ للمجلس، وليس بجوهر ما قدّمه أو قاله أو عبّر عنه زميلنا الناصر..
-وعلى سبيل المثال، فإنّ عضو مجلس عندما يتحدّث تحت القبّة، لا يستطيع أن يتحدّث إلا باسمه، ولا يمثّل أحداً من أعضاء المجلس - وهنا نرجو الانتباه على جملة "أعضاء المجلس" -، فعضو مجلس الشعب لا يتحدّث باسم زملائه تحت القبّة، وإنّما يتحدّث باسم نفسه فقط، ولا يمثّل أحداً من زملائه الأعضاء، وإنّما يمثّل نفسه ليس إلاّ!!..
-لكنّ عضو مجلس الشعب، في الآن ذاته، ومن جهة أخرى، فهو فيما يقوله يمثّل الشعب كلّ الشعب، وهذه واحدة هامّة في التشريع السّوريّ، لا ينتبه لها كثيرون، فعضو المجلس كي تكون حصانته موضوعيّة لممارسة دوره الوطنيّ، فإنّه لا يخضع لمسؤولية حسابيّة أو رقابيّة على كلامه ومواقفه، لأنّ كلامه ومواقفه أخيراً، هي باسم الشعب، ولو كان كلامه أو كانت مواقفه خاطئة، فهو لا يحاسب عليها أبداّ..
-لذلك عندما تدخّل السيد رئيس المجلس، على مداخلة الزميل الناصر، كان تدخّلاً صحيحاً، فالزميل الناصر تجاوز النظام عندما أراد أن يصوّر أن كلامه يمثّل جميع السادة أعضاء المجلس، وبعيداً عن فحوى الكلام، كان لزاماً على السيد رئيس المجلس، لفت انتباه الزميل الناصر لذلك، والقول له: "يا زميل أنت لا تمثّل إلا نفسّك"!!..
-نعم هذا صحيح ودقيق، وهي نقطة في النظام الداخليّ على الزميل الناصر، وكان لا بدّ من تدخّل رئيس المجلس لتصويبها، فرئيس المجلس لم يمنعه من الكلام، لكنّه لفت انتباهه لنقطة هامّة في النظام الداخليّ..
-كذلك فإنّه ليس مسموحاً، أن يوجّه أيّ عضوٍ كلامه ضدّ أيّ عضوٍ آخر، تصريحاً أو تلميحاً، وفي أيّ عنوان كان، لذلك عندما بدأ الزميل الناصر، مخاطبة رئيس المجلس، بكلامٍ غير مركّز، حول موقع ودور زميل له في المجلس، وهو رئيس المجلس، فعلى رئيس المجلس أن يتدخّل، للفت انتباه الزميل، على أنّه تجاوز نقطة في النظام!!..
-كذلك فإنّ هناك مداخلات يمكن أن يسوقها عضو في المجلس أو رئيسه، وتمرّ فيها بعض المفردات التي لا تليق بالمجلس، أو لا تليق بالشعب الذي يمثّله هذا المجلس، وهنا على رئيس المجلس أن يتدخّل، أو أيّ زميل آخر، بعد أن يأخذ الإذن، للمطالبة بحذف هذه المفردات، من محاضر جلسات المجلس..
-وبالتالي فإنّ ما ساقه الزميل العزيز الناصر، لجهة بعض المفردات التي يراها البعض غير لائقة بحقّ الشعب السّوريّ، منحت الإذن لرئيس المجلس للاعتراض على هذه المفردات، ليس لأنّها لا تعبّر عن واقعٍ معيّن، وإنّما لإنّها لا تليق بوصف الشعب بها، وهذا أمرٌ قد نختلف عليه، لكن من يقدّره، في هذه اللحظة، هو رئيس المجلس، والنظام الداخليّ هو الذي منحه ذلك..
-التحيّة الكبيرة إلى الزميل الناصر، بمداخلته الرائعة والغالية، والتي يشرّف مجلس الشعب، في الجمهوريّة العربيّة السوريّة، أن يرتقي حسّ المسؤولية والدور الوطنيّ الكبير فيه، كي تكون مثل هذه الصرخات الغاضبة، دفاعاً عن حقوق وأولويات السوريّين جميعاً، وإذا كان البعض، قد أخذ على الزميل الناصر، بأنّ مداخلته كانت مرتجلة ولم تكن مركّزة، فشفيعُهُ في ذلك، شعبٌ عظيمٌ قدّم التضحيات الجسام، أتعبه العدوان والحصار، وبعض أولئك الذين يتاجرون بقوته من أعداء الداخل..
-والتحيّة أيضاً إلى عشرات الزملاء الذين ما زالوا يدافعون عن هذا الشعب العظيم، بمداخلاتٍ ومواقف مشرّفة، تحت هذه القبّة الشريفة والكريمة، والتحية لهذا المجلس العريق، ورئيسه الذي نعتقد أنّه لم يتجاوز النظام الداخليّ للمجلس، والذي نعتقد أنّه لم يمنع الزميل الناصر من مداخلته، لكنّه أراد تصويب مداخلة الزميل الناصر، وهو ما أعطى هذه المداخلة عنفوانها وإثارتها، كي تصل إلى السوريّين في كلّ مكان!!..