فكروا خارج الصندوق
تستدعي الظروف العصيبة الحالية من الحكومة إجراءات استثنائية لإدارة الأزمة، ومحاولة التفكير من خارج الصندوق، وذلك على المنحيين النقدي والإنتاجي!
ولعلَ أبرز إجراء يتوجب أن يبصر النور على المنحى الأول هو رفع سعر الحوالات الخارجية إلى مستوى يوازي نظيره في السوق الموازية، فبذلك نضمن توفيراً نسبياً للقطع من جهة، ودعم المستفيد من الحوالة مالياً من جهة ثانية، وربما زيادة حجم الحوالات من جهة ثالثة، وانعكاس ذلك بالتالي إيجابياً على سعر الصرف!
أما على المنحى الإنتاجي فيجب تكريس سياسة الاعتماد على الذات، والاشتغال على مقومات العمل الإنتاجي الحقيقي، وهذا الأمر يتطلب من الحكومة تعزيز الدعم المقدم للقطاع الزراعي، بحيث يتم فعلياً زراعة كل شبر ممكن زراعته، لا التغني بشعارات إنشائية لا تغني وتسمن من جوع كما حدث في عام القمح المشؤوم!
ولا بأس على المفاصل التنفيذية المعنية، ولاسيما مجالس الإدارة المحلية، تفعيل إنتاج الورش الصغيرة والمتناهية الصغر المنتشرة على مساحة الجغرافية السورية، الظاهرة منها “المرخصة نظامياً”، والمخفية “العاملة في الظل”، وذلك من خلال منح إعفاءات مالية للأولى، وتسهيل تظهير الثانية عبر تبسيط إجراءات الترخيص إضافة إلى الإعفاءات المالية لاحقاً، والأهم تأمين تسويق منتجاتها، وبذلك يمكن أن نسد ولو نسبياً احتياجات السوق المحلية بأسعار تواءم القدرة الشرائية، وتمكين القدرة المالية لأصحاب هذه المشروعات!
لاشك أن قطاع الأعمال مدعو وبقوة للاضطلاع بمسؤولياته الوطنية في هذا التوقيت بالذات، خاصة أولئك المصنفين بـ “الكبار”، ونعتقد أن الفرصة الآن مواتية أمامه ليثبت أنه شريك للوطن في محنته، بأن يستثمر علاقاته التجارية مع نظرائه في الدول الصديقة لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطن بهوامش ربح معقولة، ونعتقد أن هؤلاء الكبار لا تنقصهم الحيلة لدعم بلادهم.
الحلول موجودة بلا شك، وقوة إمكانية تطبيقها مستمدة من توافر مقدراتنا الطبيعية والبشرية، لكن اعتمادها يتطلب إرادة جادة وحاسمة بعيداً عن المحسوبيات التي طالما كانت عنواناً لوأد المبادرات، فالواقع الحالي الصعب لا يحتمل أي استهتار، ومطلوب من الجميع، كل حسب موقعه، أن يبادر، للوصول معا إلى المحطة التالية.. الآمنة.
حسن النابلسي /البعث