كل المؤشرات تثير القلق و..الإحباط!!
يشعر المواطن بالإحباط مع كل تصريح لأحد كبار المسؤولين وهو يقول جازما: مامن مؤشرات تدعو إلى القلق فيما يتعلق بإمدادات الأسواق بالسلع الأساسية.
وفعلا مامن قلق حتى الآن بالإمدادات، ولكن السؤال: من يزود الأسواق بإمدادات السلع والمواد؟
في حال كان المنتجون في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية هم من يمدوا الأسواق بالسلع، فلن يشعر المواطن بالقلق مادام الإعتماد على الذات!
أما في حال كان المستوردون هم من يزودون الأسواق بالسلع الأساسية كالحبوب والأعلاف والأسمدة والبقوليات، أوبالمستلزمات الأساسية لإنتاجها محليا، كما هو واقعنا على مدى السنوات الماضية، فإن كل المؤشرات تدعو إلى القلق و.. الإحباط!!
ما زادنا قلقنا وإحباطنا ماكشفه وزير التجارة الداخلية الدكتور عمروسالم مؤخرا، بأن (قطاع الصناعة لا يعمل أكثر من 10% من طاقته وذلك يسبب انخفاض أرقام التصدير)!
ولكن مالم يقله الوزير هو الأكثر قلقا وإحباطا لأنه لم يجب على السؤال المهم جدا: لماذا لايعمل قطاع الصناعة أكثر من 10% من طاقته؟
لو افترضنا إن منتجات قطاعنا الصناعي مخصصة للتصدير، لسهل الإستنتاج بأن الحصار والعقوبات والرسوم والضرائب والمعوقات الحكومية هي السبب بتراجع الطاقة الإنتاجية إلى درجة تثير القلق والإحباط .. فهل هذا الإستنتاج صحيج؟
يعرف الجميع إن القسم الأعظم من إنتاج قطاع الصناعة بشقيه العام والخاص مخصص للإستهلاك المحلي، والكميات المعدة للتصدير كانت دائما متواضعة، بل وهزيلة، وبالتالي فتراجع الإنتاج لايعود إلى انخفاض أرقام التصدير، وإنما إلى انخفاض الإستهلاك المحلي، وهذا مؤشر ليس مقلقا ومحبطا فقط، بل هومؤشر خطير لأنه يتجه بنا سريعا إلى الركود والإنكماش!!
كنا نتمنى على وزير التجارة أن لايكتفي بوصف الواقع المثير للقلق والإحباط فقط، بل أن ينجز دراسة أو مذكرة يطلب مناقشتها في مجلس الوزراء يركز فيها على بند واحد فقط وهو زيادة القدرة الشرائية لملايين الأسر السورية فهي وحدها من يرفع الطاقة الإنتاجية للقطاع الصناعي!
لسان حال الصناعيين في السنوات الأخيرة يسأل: لمن ننتج؟
كذلك لسان حال المزارعين يسأل: ماذا نفعل بإنتاجنا الكبير غير القابل للتسويق لافي الداخل ولا في الخارج؟
وأيضا لسان حال المستثمرين القدامى والجدد يسأل: لمن سنقيم مشاريعنا الإنتاجية والخدمية؟
مثل هذه الأسئلة هي مؤشرات تدعو إلى القلق والإحباط، بل هي مؤشرات خطيرة إلى ماينتظرنا في الأمد القريب جدا وليس البعيد!!
لقد أجاد وزير التجارة، مثل غيره من المسؤولين بتشخيص الواقع، وأجاد أكثر بوصف العلاج وهو (تنمية الصادرات عبر تحريك عجلة الصناعة، وتشغيل المصانع بكامل طاقتها عبر استثمار الموارد والمواد المحلية، وتأمين متطلبات القطاعات الإنتاجية والخدمية..الخ).
ترى هل قرر الوزير أن يناقش وصفته العلاجية في اجتماع واحد أو أكثر لمجلس الوزراء، أم هي وصفة للإستهلاك الإستعراضي والإعلامي؟
لاحظوا أن وزير التجارة يحصر حل المشكلة بزيادة الصادرات، ويتجاهل عمدا إن المحرك الأساسي لقطاع الصناعة ولكل القطاعات المنتجة هي الأسواق الداخلية وليست الخارجية!
تصوروا ماذا سيحصل لو استجاب القطاع الصناعي العام والخاص لرؤية وزير التجارة فعمل بكامل طاقته، فأين سيُصرّف السلع والمنتجات؟
المؤشرات المقلقة والمحبطة تشير إلى أن استهلاك ملايين الأسر من المواد الأساسية، وليست الثانوية تراجع إلى مستويات كارثية.
لقد تحدث العديد من أعضاء غرف التجارة والصناعة والزراعة وارباب قطاع الدواجن والأغنام والأبقار وجمعيات الألبان والأجبان..الخ، على مدى أكثر من عامين عن مؤشرات مقلقة ومحبطة وخطيرة ناجمة عن تراجع الإنتاج بسبب تقلص استهلاك ملايين الأسر السورية من السلع الأساسية، بل وغياب أكثرها عن موائدهم بفعل ضعف قدرتهم الشرائية، ومع ذلك لم تُحرك وزارة المالية ولا الإقتصاد ساكنا لتدارك خطر الركود والإنكماش القادم بسرعة صاروخية!
الخلاصة: كل المؤشرات تثير القلق والإحباط وبدأت تُترجم بتقاعد عدد من التجار والصناعيين والمنتجين والحرفيين، وبتراجع إنتاج قطاع الصناعة إلى 10% من طاقتها الإجمالية، وبتقلص إستهلاك المواد الأساسية من لحوم وفروج وبيض وأجبان وألبان لدى ملايين الأسر السورية، بفعل انخفاض القدرة الشرائية إلى مادون خط الفقر!!
وإن لم تعالج مسألة تحسين دخل الأسرة فلا جدوى من أي إجراءات تزيد الطاقة الإنتاجية لقطاع الصناعة!!
علي عبود ـ خاص غلوبال