خبير تنموي يرى أنّ حمضياتنا متميزة.. وتصريحات البعض «موضة» مثيرة للاشمئزاز
ماذا عن حمضياتنا السورية؟ هل هي كما يُقال الأفضل بين مثيلاتها أم تأكلها الآفات وتُعرض عنها بعض الدول وتُرد في براداتها إلى حيث كانت؟ هل هي غير قابلة للتصنيع كما يصرّح البعض وتضيع أمام قرينتها المصرية في السوق فلا راغب لها بوجود القرين المصري؟
أسئلة كثيرة أجب عنها الباحث التنموي أكرم عفيف مبيناً ما يتفوه به البعض عن المنتج السوري ابتداء بالحمضيات وانتهاء بزيت الزيتون هو مجرد كلام مثير للاشمئزاز، فهل ما يستوردونه أفضل مما لدينا؟ المنتج السوري بشكل عام وخاصة الحمضيات السورية هي الأفضل في العالم وخاصة في السنوات الأخيرة التي تناقصت فيها نسب ونوعية الأسمدة ومع ذلك بقيت على طبيعتها.
أما عن الآفات المتبقية من الأسمدة والمبيدات فيؤكد عفيف أنه في حال صحة هذه الكذبة فإن الأمر يعود إلى سوء المبيدات التي تُعطى للفلاح الذي قد يضطر في هذه الحالة إلى مضاعفة الكمية لتخفيف الضرر عن الحمضيات سواء أكانت فطرية أم حشرية أم مغذيات ورقية، والأمر في هذه الحالة يعود إلى سوء المبيد المستورد وليس إلى المنتج السوري.
وبالنسبة للأصناف المستوردة من الحمضيات، فالتنافس كما يوضح عفيف، يكمن في الجودة والسعر ومن المعروف أن الحمضيات السورية هي الأجود تبعاً لطبيعة وبيئة الساحل الذي تزرع فيه وبالطبع فإن أسعارها مخفضة جداً. ولكن يجب ألّا يغيب عن بالنا ما يسمى إدارة الموارد، فإن تكلفة نقل براد الحمضيات الواحد من البلد المنتج إلى المستورد تفوق سعر البراد ذات نفسه حسب زعم أحد المصدرين، وسوء إدارة الموارد هو تدمير ممنهج للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
وفي مجال التصنيع يشدّد عفيف على أن الحمضيات السورية قابلة للتصنيع بجميع أجزائها ابتداء بالعصير وانتهاء بالقشر الخارجي الملون الذي يحتوي على مواد من الممكن تصنيعها بعائد يفوق تكاليف البرتقال ذات نفسه، كما أن نسبة ٤٦% من البرتقال السوري هو من نوع “بالنسيا” وهو نوع عصائري بحت وبالإمكان تطعيم بعض النوعيات لتصبح عصائرية.
ويتابع عفيف: الأمر لا يعدو كونه موضة دارجة بالإساءة إلى المنتج المحلي وحقيقة الأمر هو سوء إدارة موارد أولاً وهجمة تدمير للمنتج السوري ثانياً لصالح المستوردين فقط.
مميزة لوناً ومذاقاً
بدوره بيّن مدير دائرة الحمضيات في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي نشوان بركات لـ«تشرين» أن الحمضيات السورية تمتاز عن كل حمضيات الدول المجاورة باللون والمذاق والنكهة نتيجة الظروف المناخية الجيدة في الساحل السوري إضافة إلى ميزة إضافية وهي نضوجها قبل مثيلاتها في الدول المجاورة بفارق زمني وكذلك خلوها من الأثر المتبقي للمبيدات بسبب تطبيق برنامج الإدارة المتكاملة للمكافحة الحيوية من آفات وأمراض من تسعينيات القرن الماضي.
وتابع بركات مؤكداً أن المواصفات الفنية للمحصول هذه السنة، وبالرغم من نسبته القليلة، تعدّ مواصفات جيدة وممتازة سواء للاستهلاك المحلي أو التصنيع وكذلك التصدير. وبالنسبة للأصناف المدخلة والمنتجة في المشاتل المحلية التابعة للوزارة، فقد تمت زيادة الأصناف الملونة مثل صنف البرتقال الدموي والسنغنيل وصنف الأورجانيك من البدائل المتأخرة وهي ذات جودة عالية.
برنامج ترميم
وأما عن خطط وزارة الزراعة في مجال تحسين النوع والكم للحمضيات أوضح بركات أن الوزارة أطلقت هذا العام برنامج إعادة وترميم المزارع الهرمة عن طريق استبدالها بالغراس المجانية وفق الخريطة الصنفية التي تم وضعها من مكتب الحمضيات وفق الشروط المعتمدة من وزارة الزراعة وأهم هذه الشروط هو تقديم الغراس مجاناً وفق الخريطة الصنفية بحيث تحقق أعلى إنتاجية بوحدة المساحة لتكون هذه الأصناف قابلة التصدير ومطلوبة في السوق الخارجية. ويتم تقديم الغراس للمزارع مجاناً ويلتزم هو بالمقابل بزراعة صنف واحد ضمن وحدة المساحة لتسهيل التعاقد معه.
كما تقوم الوزارة حالياً بإجراء عمليات مسح شامل لكل مزارع الحمضيات وحتى على مستوى الصنف الواحد عن طريق الاستشعار عن بعد والتي قد تستمر لمدة أربعة أشهر أو أكثر من السنة القادمة ليتم التوصل إلى أرقام دقيقة عن المساحة الكلية المزروعة وستكون هناك استمارة إلكترونية خاصة بكل مزارع لملئها بالمعلومات المتوافرة لديه.
يوجد تصدير
ومن ناحية أخرى أوضح مدير مكتب تسويق الحمضيات في الاتحاد العام للفلاحين أحمد هلال لـ«تشرين» أن الأصناف الموجودة حالياً جيدة وممتازة للاستهلاك المحلي والتصدير أيضاً ويتم الآن تصدير قسم منها مثل أبو صرة والكلمنتين إلى العديد من الدول العربية. إذ يتم الآن تسويق حوالي ٥٠٠ طن من كافة الأنواع عن طريق أسواق الهال ومراكز الفرز والتوضيب من محافظة اللاذقية وحوالي ٢٠٠ طن من محافظة طرطوس.
ويحتل العراق المرتبة الأولى في استيراد الحمضيات السورية تليه روسيا والخليج وبعض الدول الأوروبية وقد بلغ حجم محصول الحمضيات هذا العام -حسب تصريح مدير مكتب الحمضيات- حوالي ٦٤٠ ألف طن منها ١٥٣ ألف طن في محافظة طرطوس و٤٨٧ ألف طن في محافظة اللاذقية، منها ٤٠٠ ألف طن للاستهلاك المحلي وما يفوق الـ٢٠٠ ألف طن للتصدير
تشرين