تاجر: عدم فتح باب الاستيراد على مصراعيه يعني تحويل أموال التجار دولار ومضاربة على سعر الصرف.. و مسؤول يرد: أنتم لا تتوانون عن ذلك على مدار الساعة!! صفعة لـ “عتاة الاستيراد”!!
لا يزال الضغط جارياً من قبل عتاة الاستيراد لفتح باب الاستيراد على مصراعيه، مقابل استمرار جهود وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتقليص فاتورته المستنزفة للقطع، والتي وصلت خلال الأعوام الأخيرة إلى 4.1 مليار يورو سنوياً، بعد أن كانت أكثر من 17 مليار يورو، وذلك تماشياً مع مقتضيات المرحلة، وما تتطلبه من ترشيد وتوجيه القطع باتجاه تأمين الاحتياجات الأساسية.
ولا شك أن مسوغات عتاة الاستيراد لا تصب إلا في بوتقة مصالحهم الضيقة، وما لعبهم على أوجاع المستهلكين، تارة عبر دعوتهم لـ “فتح باب المنافسة من خلال التدفق الواسع للسلع إلى الأسواق وانعكاس ذلك على انخفض الأسعار”، وتهديدهم الجهات المعنية، تارة أخرى، بأن ترشيد الاستيراد ينعش سوق التهريب، لا تعدو كونها محاولات بائسة، القصد منها تحقيق مبتغاهم، وآخر ما حُرر في هذا السياق أن أحد أبرز هؤلاء “العتاة” تجاوز حدوده باجتماع مصغّر أُريدَ به الضغط لانتزاع قرار بفتح باب الاستيراد، بأن قال: إن فتح باب الاستيراد على مصراعيه يشغّل أموال التجار وبالتالي يقي من شر تحويل أموالهم إلى دولار والتورط بالمضاربة على سعر الصرف، فجاء الردّ الفوري “صفعة” غير متوقعة من المسؤول عن الاجتماع: “أنتم لا تتوانون عن تحويل أموالكم إلى دولار على مدار الساعة”!!
ولكن هؤلاء “العتاة” يدركون، دون شك، إنه إذا تم فتح باب الاستيراد على مصراعيه، أسوة بلبنان ودبي كما يستشهدون دائماً – فإن ذلك بمنزلة إعلان وأد الإنتاج وتكريس الاستهلاك كمنهج لاقتصاد يسعى لتثبيت قوامه في خارطة الاقتصادات العالمية. والاقتصاد ذو الصبغة التجارية البحتة، الذي يضربونه عادة مثالاً لتحقيق أكبر معدلات نمو من التجارة والسياحة والخدمات، أشبه ما يكون بـ “نمر من ورق” سرعان ما يتهاوى مع أول هزة تصيبه، كما حدث بالضبط للاقتصاد اللبناني الذي سرعان ما انهار مع أول هزة مصرفية، كنتيجة طبيعية لاقتصاد قائم على الريعية من سياحة ومصارف بعيداً عن ألف باء الإنتاج!!
كما أن التجار على ما يبدو قد ألغوا من قاموسهم مفهوم التصدير، وأبقوا فقط على مفهوم الاستيراد لتضخيم ثرواتهم، غير آبهين بما سينتاب واقع الإنتاج من تداعيات تزيد من تدهوره الحالي الناجم – بجزء منه – عن تحول عديد الصناعيين إلى تجار!
أما فيما يتعلق بالتهريب فتلك إشكالية كبرى ترقى إلى مستوى جريمة اقتصادية بامتياز، ولا بد أن تضطلع الحكومة بهذا الأمر لاجتثاثه من جذوره، لاسيما إذا ما علمنا أن فاتورة التهريب تصل إلى 250 مليون دولار شهرياً، أي 3 مليارات دولار سنوياً، في حين أن فاتورة فتح باب الاستيراد على مصراعيه تستنزف 7 مليارات دولار وفقاً لمصرف سورية المركزي!
حسن النابلسي _ البعث