جمعية حماية المستهلك: هناك تلاعب بوزن الذهب.. والأسعار وأجرة الصياغة مبالغ فيها
خلال جولة لها في أسواق الذهب بدمشق وريفها، وبعد ورود شكاوى من عدة مواطنين حول اختلاف التسعيرة بين محل وآخر، وجدت أن أغلب المحلات تضع بالفعل لائحة التسعيرة بعيارات الذهب المختلفة على واجهة العرض وفي مكان مكشوف، لكن هناك اختلافاً في عمليات البيع والشراء بين التّجار، وأن هذا يتمّ -حسب قول من اشترى الذهب- بعد شراء القطعة الذهبية، لتكون الفاتورة بأرقام مضاعفة وسعر مختلف عن السعر المعلن، وخاصة بعد حساب أجرة الصياغة وهامش ربح البائع، ليتركوا للزبون شطارته وسرعة بديهته وقدرته على إجراء الحسابات من الضرب والقسمة ليعرف السعر الذي أخذه، بعد أن يوهمه البائع أن أجرة الصياغة مرتفعة قليلاً بالقطعة وبنوعها الفريد، مما يظهر أن الذهب لا يختلف عن غيره من السلع من حيث الظاهر والمضمون، فما يُقال شيء وما يُكتب على الفاتورة شيء آخر، والشيء اللافت، وربما الجمعية تعرفه، أن الفاتورة الصادرة من التاجر لا يقيّد عليها سعر الغرام، وما هو مقيّد هو كمية الغرامات ونوع القطعة المباعة ومجموع الفاتورة فقط.
أحد بائعي الذهب، رفض ذكر اسمه، قال لنا إن التسعيرة النظامية في أغلب الأحيان بعيدة عن الواقع، ويوجد فرق لا يقلّ عن ٥ إلى ٨ آلاف في الغرام الواحد، يعني إن كانت التسعيرة نظامية 230 ألف ليرة، فهذا يعني في الأسواق أن السعر لا يقلّ عن 238 ألف ليرة، هذا غير أجرة الصياغة.
بدورها الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات حذّرت الحرفيين وبشكل يومي من المخالفة بالبيع أو الشراء بسعر مختلف عن السعر الصادر عنها، وفق ما أكده لنا رئيس الجمعية غسان جزماتي من أن أي سعر مغاير عن تسعيرة الجمعية هو سعر غير صحيح ومخالف للتعليمات، داعياً المواطن إلى الشراء بالسعر النظامي الصادر عن الجمعية فقط، وأي سعر آخر من أي بائع يجب عدم القبول به، وعلى المواطن تقديم شكوى في حال وجود غش أو غبن بذلك من قبل أي محل ذهب كان، لافتاً إلى أن الشكاوى حول التسعيرة والفرق السعري انخفضت عن السابق، ويوجد بعض الحالات ولكنها قليلة، ويتمّ حل المشكلة مباشرة بين البائع والزبون.
وحول ارتفاع الأسعار، أوضح جزماتي أن التسعيرة تخضع لاعتبارات تتعلق بارتفاعات الذهب عالمياً، حسب المتغيرات والتوترات الجيوسياسية الحاصلة اليوم، وهو ما يؤثر على السعر في الأسواق لدينا، مشيراً إلى أن الجمعية في كلّ تسعيرة صادرة عنها تبيّن ارتفاع الأونصة في ذلك، معتبراً أن ارتفاع الذهب خلق طلباً وخاصة بالذهب المشغول قياساً مع انخفاض كميات العرض من قبل المواطن.
المواطن خاسر
وفي المقابل أكد أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها عبد الرزاق حبزة أن المواطن اليوم خاسر في جميع الحالات، سواء باع الذهب أو اشتراه، لأن الذهب هو للادخار في الأزمات، لكن هذه المدخرات اليوم نفدت بسبب الغلاء الحاصل، مبيناً أن هناك حالات تلاعب وغش بسعر الغرام والوزن وهي كثيرة، فالغش بات بالوزن والسعر والتصنيع من خلال التلاعب بأجرة الصياغة التي باتت مختلفة بين محل وآخر، وهي أجرة مبالغ بها، على حدّ قوله، مما يجعل هناك مجالاً للتلاعب بالفاتورة، حتى الغش، كما يرى حبزة، صار بالأحجار الكريمة الموضوعة بالقطعة الذهبية من خلال التلاعب بقيمة الأجرة. وأوضح أن الدولة قبل ٥ سنوات وضعت ضوابط بدليل المواد الرقابية لحساب أجرة الصياغة وشراء الأحجار الكريمة على القطعة الذهبية، حيث إن أقل من غرام من الأحجار الكريمة على القطعة لا يُحسب، وأكثر من ذلك يُحسب، وهذا جانب لبعض ضعفاء النفوس ليتلاعبوا بالوزن، مشيراً إلى أن جمعية حماية المستهلك دورها توعوي بهذا الشأن وتبيّن للمواطن ما هو ضروري ومفيد.
وبيّن حبزة أن الغش طال الذهب البرازيلي أيضاً الذي يبقى بلا قيمة، وهو يُغش بوضع الطلاء عليه وتغيير اللون، لكن على الرغم من ارتفاع سعر البرازيلي، إلا أنه يبقى مقبولاً لمن يريد الزواج، كون ارتفاع الذهب اليوم أثر على حياتنا الاجتماعية في المناسبات والأعياد نتيجة انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، بعدما صار الذهب يشرع ويقيد بعقود الزواج بالليرة الذهبية كمهور تكتب مقدماً ومؤخراً، وهذا أصبح اعتيادياً للكثير من العائلات بعد أن كان استثنائياً.
ويجد الخبير الاقتصادي محمد القاسمي أن القفزات المتتالية بسعر الذهب وبأرقام من ٣ إلى ٥ آلاف ليرة كلّ فترة يحدث فوضى بالأسواق وطلباً على الذهب، مما يجعل البعض من الصاغة يغش ويتلاعب بالتسعيرة لوجود فوارق رقمية كبيرة بين السعر النظامي والسوق السوداء، فهذا العام ارتفع الذهب حسب قوله أكثر من 50 ألف ليرة، وخاتم الذهب الذي كان بـ٥٠٠ ألف منذ أشهر، بات اليوم بمليون ليرة أو أقل قليلاً، مشيراً إلى ارتفاع الطلب على الذهب عالمياً، باعتباره تحوطاً ضد الأزمات مع انخفاض قيمة أي عملة كانت بأي بلد كان، وحسب رأيه، الذهب أفضل من العقار اليوم لأنه مدخرات مسيلة ومتحركة تباع بأي وقت عكس العقارات الجامدة. وتوقع القاسمي انخفاض الذهب عالمياً نتيجة ارتفاعات سعر الفائدة للعملات الدولية، ومنها الدولار الأمريكي هذا الشهر والشهر المقبل، ما يقلّل من فرصة حيازة سبائك الذهب، ويهبط بسعر الأونصة، لكن بالمقابل فإن انخفاض الليرة لدينا يحدث توازناً بالتزامن مع هبوط الأونصة عالمياً مما يؤدي إلى نوع من الاستقرار في الأسواق لفترة معينة.
البعث