بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

مع ارتفاع أسعار الغاز .. أزمة أسمدة عالمية تهدد بارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية العام المقبل

السبت 27-08-2022 - نشر 2 سنة - 2284 قراءة

رجحت الأمم المتحدة وعاملون في مجال الصناعة ومحللون لسوق الأسمدة أن يتسبب النقص في الأسمدة الأساسية التي تُعتبر روسيا مصدراً رئيسياّ لها، بارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية العام المقبل، وبالتالي بالجوع.

وزادت الأسعار العالمية لأسمدة النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم ثلاثة أضعاف بين بداية العام 2021 ومنتصف العام 2022 في سابقة من نوعها.

وكان جول جاكسون، وهو محلل سوق الأسمدة والمدير العام لشركة «بي ام أو كابيتال ماركتس»، قد قال في تموز/يوليو خلال مؤتمر لمحللين في الولايات المتحدة»إن صعوبة عملي تكمن في توقّع المستوى الذي ستبلغه الأسعار في الأشهر الثمانية عشرة المقبلة».

وبلغت أسعار هذه الأسمدة مستوى «تاريخيًا» لأنها مرتبطة بأسعار الغاز التي تشكّل 90% من تكاليف إنتاج الأسمدة النيتروجينية مثل الأمونيا وسماد اليوريا. غير أن أسعار الغاز الطبيعي تواصل ارتفاعها مع خفض روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا الداعمة لأوكرانيا.

وللحفاظ على أرباحهم، أوقف العديد من مصنعي الأسمدة الأوروبيين إنتاجهم من الأمونيا التي يتم الحصول عليها من خلال الجمع بين النيتروجين من الهواء والهيدروجين من الغاز الطبيعي. وهذا التوقف عن إنتاج الأمونيا لم يحصل منذ أزمة العام 2008 المالية.

ويقول نيكولا بروتان، وهو رئيس الفرع الفرنسي لشركة «يارا» النرويجية لتصنيع الأسمدة النيتروجينية، خلال حديث مع وكالة فرانس برس، أن وصول سعر الميغاواط ساعة من الغاز إلى أكثر من 300 يورو حالياً بعدما كان معدّله 20 يورو في السنوات العشر الأخيرة هو «مشكلة كبيرة». ويضيف «لم يعد بإمكان مصنّعي الأمونيا تحمل ذلك، لأن سعر الغاز أصبح أغلى بـ10 أو 15 مرة من قبل».

وأعلنت شركة «يارا» أمس الخميس أنها ستخفف بعد من إنتاجها للأمونيا في أوروبا بفعل أسعار الغاز، لتكون بذلك تستخدم أقلّ من 35% من قدرتها الإنتاجية في أوروبا.

وأعلنت شركة «آزوتي» البولندية المصنّعة للأسمدة هذا الأسبوع أنها ستعلّق 90% من إنتاجها للأمونيا، وأعلنت أيضاً الشركة الليتوانية الأولى في المجال «أكيما» أنها ستعلّق تشغيل مصنعها في الأول من أيلول/سبتمبر.

في المجر، شركة «نيتروجينموفيك أيضاً متوقفة عن العمل، وسيتوقف مصنع «بورياليس غرانبوي» في فرنسا العمل في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر، حسب منشور صدر عن شركة أرغوس للأبحاث.

ويضيف بروتان «خطر النقص الذي قد يتسبب به توقف الإنتاج في كلّ أنحاء أوروبا هو خطر حقيقي، وقد تحدث مشكلة في الموارد لأن الأسمدة تُصنّع في الشتاء تحسّبًا لموسم ربيع 2023».

وقد ينقص المزارعين البوتاس بسبب العقوبات المفروضة على روسيا التي تُعدّ واحدة من المنتجين الرئيسيين له، بالإضافة إلى العقوبات على بيلاروس «المسؤولة عن سدس إنتاج العالم من البوتاس»، حسب جول جاكسون.

وقبل بداية الحرب في أوكرانيا، كانت روسيا أوّل مصدّر لأسمدة النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم الكيميائية على المستوى العالمي.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الأسمدة والمواد الزراعية الروسية لا تطالها العقوبات ويمكن أن تصل بسهولة للأسواق العالمية و»دون أي حواجز»، محذرًا من حدوث أزمة غذائية عالمية في العام 2023 إذا ما تحقق الاستقرار في سوق الأسمدة في العام 2022.

ولفت خبراء من معهد «سيكلوب» لتحليل الأسواق العالمية للمواد الأولية والسلع إلى أن البرازيل، وهي قوة زراعية تعتمد على روسيا كمزوّدها الأول بالأسمدة، «أدركت اعتمادها هذا الذي سيؤثر على الحملة الزراعية للعام 2023».

ويقول بروتان أن المصنّعين يتخوّفون من «تدمير اصطناعي للطلب» بحيث يخشون أن يعتمدوا التقنين أو أن يضطروا إلى التوقف عن استعمال بعض الأسمدة التي أصبحت باهظة الثمن، الأمر «الذي بدأ يصبح ملحوظًا في كلّ أنحاء أوروبا».

وأضاف خبراء «سيكلوب» أن «ارتفاع أسعار الأسمدة وتخفيف استعمالها سيكون ملموسًا في 2023 و2024»، متوقعين «انخفاضًا كبيرًا» في الإنتاج الزراعي في افريقيا.

غير أن هذه الاضطرابات المتركّزة بشكل أساسي في أوروبا، تناسب البعض.

فمنذ نهاية العام 2021، بدأ منتجون أوروبيون باستيراد الأمونيا من أمريكا الشمالية أو من أستراليا، حسب بروتان، من أجل الاستعاضة عن الغاز الروسي. يرى البعض في ذلك حسنة بالنسبة للأسمدة العضوية أو الأسمدة المصنعة من خلال «الهيدروجين الأخضر».

في غضون ذلك، ستزيد «نوتريان» الكندية، وهي الشركة الأولى عالميًا في إنتاج الأسمدة، إنتاجها للبوتاس للتعويض عن أي نقص محتمل من الجانب الروسي أو البيلاروسي. ويتوقع جول جاكسون أن تتضاعف أرباح «نوتريان» هذا العام.

كما تعتزم شركة «سي.إف إنداستريز هولدنغز» لصناعة الأسمدة وقف إنتاج الأمونيا في آخر مصانعها في المملكة المتحدة في ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وهي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى نقص شديد في إمدادات غاز ثاني أوكسيد الكربون المحفوظ الحيوي للعديد من الصناعات الغذائية، مما سيزيد ضغوط الأسعار في السوق البريطانية.

ومصنع شركة «سي.إف» في مدينة بيلينغهام في شمال شرقي إنكلترا هو المصدر الأساسي لإمدادات غاز ثاني أكسيد الكربون في بريطانيا، والذي يستخدم في صعق الخنازير والدواجن تمهيدا لذبحها، إلى جانب استخدامه في عمليات التعبئة لإطالة فترة التخزين ولإنتاج الثلج الجاف المستخدم في حفظ المجمدات أثناء نقلها.

ويعتبر هذا الغاز مكوناً أساسياً في إنتاج أغلب الأسمدة النيتروجينية، بما في ذلك الأمونيا، في حين أن غاز ثاني أوكسيد الكربون منتج ثانوي لعملية إنتاج الأمونيا.

ويعيد قرار الوقف المؤقت لإنتاج الأمونيا في بريطانيا الذي أعلن يوم الأربعاء إلى الأذهان ذكريات توقف الشركة عن الإنتاج في بريطانيا منذ عام مما سبب اضطراباً شديداً في سلاسل الإمدادات الغذائية بالبلاد. وفي حال توقف الشركة عن الإنتاج يمكن أن تشهد أسعار المواد الغذائية في بريطانيا المزيد من الارتفاعات، في الوقت الذي وصل فيه معدل تضخم أسعار المستهلك إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من 40 عاماً.

وتلقت الحكومة البريطانية تحذيرات مبكرة من المخاطر التي تهدد الصناعة البريطانية نتيجة أزمة الطاقة، لكنها مازالت تواجه انتقادات بسبب توقف العديد من الشركات عن العمل بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. وتعتبر الصناعات الكيمياوية وبخاصة الأسمدة الأشد عرضة لمخاطر تداعيات ارتفاع الأسعار، حسب بيانات حكومية. وتبلغ أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في بريطانيا حاليا نحو خمسة أمثال مستواها قبل عام.

وقالت «سي.إف» إنها أبلغت العملاء الذين يحصلون على غاز ثاني أوكسيد الكربون من مصنع بيلينغهام بقرار الوقف المؤقت للإنتاج، مشيرة إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في أواخر شباط/فبراير الماضي.

أ ف ب


أخبار ذات صلة