هل سمعت عن “متلازمة المحتال”؟ هكذا يمكن التغلب عليها
إذا شعرت يوماً بأنك محتال في العمل، فأنت لست وحدك، فقد كشفت مراجعة علمية لـ 62 دراسة حول متلازمة المحتال أنه ما بين 9 إلى 82% من الأشخاص أفادوا بأن أفكاراً على هذا المنوال ساورتهم في مرحلة ما، بحسب ما نشره موقع “هيلثلاين”.
وركزت الأبحاث المبكرة التي استكشفت هذه الظاهرة في المقام الأول على النساء الناجحات، ثم اتضح لاحقاً أن “متلازمة المحتال” يمكن أن تؤثر على أي شخص في أي مهنة، من طلاب الدراسات العليا إلى كبار المديرين التنفيذيين.
وتتضمن “متلازمة المحتال”، التي تسمى أيضاً الاحتيال المُتصور، مشاعر الشك الذاتي وعدم الشعور بالثقة في الكفاءة الشخصية التي تستمر على الرغم من مستوى تعليم وخبرة وإنجازات الشخص.
ولمواجهة هذه المشاعر، يمكن أن ينتهي بك الأمر إلى العمل بجدية أكبر والالتزام بمعايير أعلى من أي وقت مضى، ويمكن أن يؤثر هذا الضغط في النهاية على سلامتك العاطفية وأدائك.
وتحدث “متلازمة المحتال” بسبب تضارب بين إدراكك لذاتك والطريقة التي ينظر بها الآخرون إليك، وحتى عندما يمتدح الآخرون مواهبك، فإنك تقلل من تقييمك الذاتي لنجاحاتك وتعزوها إلى التوقيت وحسن الحظ، أنت لا تعتقد أنك حصدت الثناء والمديح بناءً على مزاياك الخاصة، وتخشى أن يدرك الآخرون في النهاية نفس الشيء، وبالتالي، فإنك تضغط على نفسك للعمل بجدية أكبر من أجل:
• الحيلولة دون رصد الآخر لأوجه القصور أو الفشل
• أن تصبح جديراً بأدوار تعتقد أنك لا تستحقها
• تعويض ما تعتبره افتقارك للذكاء
• تخفيف الشعور بالذنب تجاه “الاحتيال” على الآخرين
ويمكن أن تؤدي تلك التوجهات إلى الحافظ على استمرار دورة إنجازاتك الأخرى التي لا تشعر بالطمأنينة تجاهها والتي لا تعتبرها أكثر من نتاج جهودك للحفاظ على “وهم” نجاحك.
وتصف الباحثة الرائدة في “متلازمة المحتال” دكتورة “فاليري يونغ” خمسة أنواع رئيسية من المحتالين في كتابها الصادر عام 2011 بعنوان “الأفكار السرية للنساء الناجحات: لماذا يعاني الأشخاص القادرون من متلازمة المحتال وكيف يحققون نجاحات بالرغم من ذلك”.
وتعكس أنواع الكفاءات التالية، كما تسميها دكتورة” يونغ”، معتقداتك الداخلية حول ما تعنيه الكفاءة بالنسبة لك:
منشد الكمال
أنت تركز بشكل أساسي على كيفية قيامك بالأشياء، وتصل غالباً إلى النقطة التي تنشد فيها الكمال في كل جانب من جوانب الحياة، ولكن نظراً لأن الكمال ليس دائماً هدفاً واقعياً، فلا يمكنك تلبية هذه المعايير، وبدلاً من الاعتراف بالعمل الجاد الذي بذلته بعد إكمال المهمة، ربما تنتقد نفسك على أخطاء صغيرة وتشعر بالخجل من “فشلك المُتصور”.
العبقرية الطبيعية
أمضيت حياتك في اكتساب مهارات جديدة بجهد ضئيل وتعتقد أنه يجب عليك فهم المواد والعمليات الجديدة على الفور، وإن إيمانك بأن الأشخاص الأكفاء يمكنهم التعامل مع أي شيء بصعوبة بسيطة يقودك إلى الشعور بالاحتيال عندما تواجه صعوبة.
العازف المنفرد
تعتقد أنه يجب أن تكون قادراً على القيام بكل شيء بمفردك، وإذا لم تتمكن من تحقيق النجاح بشكل مستقل، فأنت تعتبر نفسك لا تستحق النجاح.
الخبير
قبل أن تتمكن من اعتبار عملك ناجحاً، فأنت تريد أن تتعلم كل شيء يجب معرفته حول هذا الموضوع، ويمكن أن تقضي الكثير من الوقت في متابعة سعيك للحصول على مزيد من المعلومات، بحيث ينتهي بك الأمر إلى تخصيص المزيد من الوقت، أو وقت وجهد أكثر من اللازم، لتنفيذ مهمتك الرئيسية.
البطل الخارق
أنت تربط الكفاءة بقدرتك على النجاح في كل دور تشغله، سواء كنت طالباً أو صديقاً أو موظفاً أو ولي أمر، وإن الفشل في اجتياز متطلبات هذه الأدوار بنجاح يثبت ببساطة، في رأيك، عدم كفاءتك، ولتحقيق النجاح فأنت تدفع نفسك إلى أقصى حد، وتبذل أكبر قدر ممكن من الطاقة في كل دور.
ولا يوجد سبب واحد واضح لمشاعر المصاب بـ”متلازمة المحتال”، لكن ربما يكون هناك عدد من العوامل الكامنة المُحتملة وراء تحريكها، كما يلي:
بيئة الأبوة والأمومة والطفولة
يمكن أن تتطور مشاعر المصاب متلازمة “المحتال” إذا كان والداك يقوم بما يلي:
الضغط عليك للقيام بعمل جيد في المدرسة
مقارنتك بإخوتك
مسيطراً أو مفرطاً في الحماية
تأكيد ذكائك الطبيعي
ينتقد الأخطاء بشدة
سمات الشخصية
ربط الخبراء سمات شخصية معينة بمتلازمة “المحتال”، بما يشمل ما يلي:
الميول إلى الكمال
تدني الكفاءة الذاتية، أو الثقة في قدرتك على إدارة سلوكك والتعامل مع مسؤولياتك بنجاح
درجات أعلى على مقاييس العصابية، وهي سمة شخصية من خمس سمات أساسية
درجات أقل على مقاييس الضمير، وهي سمة أخرى من السمات الأساسية الخمسة الكبرى
أعراض الصحة النفسية الحالية
يمكن أن تؤدي المخاوف من الفشل إلى الكثير من الاضطراب العاطفي، كما يعاني العديد من الأشخاص المصابين بمتلازمة “المحتال” من القلق والاكتئاب.
لكن العيش مع الاكتئاب أو القلق يمكن أن يعني أنك تعاني بالفعل من الشك الذاتي وتناقص الثقة بالنفس والقلق بشأن كيفية إدراك الآخرين لك.
مسؤوليات جديدة
ليس من غير المألوف على الإطلاق أن تشعر بأنك لست أهلًا للعمل أو الفرصة الأكاديمية التي اكتسبتها للتو. أنت تريد الوظيفة بالتأكيد. يمكن أن تكون حتى وظيفة أحلامك. ولكن يمكن أن يساورك قلق من أنك لن ترقى إلى مستوى التوقعات أو تعتقد أن قدراتك لن تتطابق مع قدرات زملائك في العمل أو زملائك في الفصل.
التحيز والعنصرية المؤسسية
يمكن أن يلعب التحيز بحسب النوع والعنصرية المؤسسية دوراً مهماً في مشاعر المصاب بمتلازمة “المحتال”، وتشير الأبحاث باستمرار إلى أنه بينما يمكن لأي شخص أن يصادف هذه المشاعر، إلا أنها تميل إلى الظهور في كثير من الأحيان عند النساء والأشخاص ذوي البشرة السمراء. بمعنى آخر: الأشخاص الذين يتمتعون بشكل عام بتمثيل أقل في البيئات المهنية.
وقد يقودك الوعي بالتحيز ضد جنسك أو عرقك إلى العمل بجدية أكبر لدحض الصور النمطية السلبية، وربما تعتقد أنك بحاجة إلى تكريس المزيد من الجهد أكثر من أي شخص آخر من أجل أن تؤخذ على محمل الجد، ناهيك عن الاعتراف بجهودك.
إن مجرد إدراك هذه الصور النمطية السلبية يمكن أن يؤثر على أدائك، مما يؤدي إلى التركيز على أخطائك وزيادة الشك في قدراتك.
وإذا كنت تشعر بأنك “محتال”، فإن العمل بجد للقيام بعمل أفضل يمكن ألا يفيدك كثيراً ويكمن الحل في أن تقوم بتغيير تقييمك الذاتي لنفسك.
المصارحة والمشاركة
يمكن أن تساعد الاستراتيجيات التالية في التغلب على متلازمة “المحتال” بطريقة مثمرة:
صارح نفسك بأنك تعاني من متلازمة “المحتال”
قم بتحديد المشاعر التي تنتابك وسلط الضوء عليها لتتمكن من التغلب عليها.
يمكن أن يساعدك التحدث إلى صديق أو اختصاصي نفسي حول محنتك في الوصول لحلول مفيدة.
الانفتاح على زملائك ومصارحتهم بشأن ما تشعر به يمكن أن يشجعهم على فعل الشيء نفسه، مما يساعدك على إدراك أنك لست الوحيد الذي يشعر وكأنه محتال.
بناء علاقات
تجنب الاستسلام للرغبة في القيام بكل شيء بنفسك، على العكس، يمكنك التواصل مع زملاء الدراسة والأكاديميين والعمل لإنشاء شبكة من الدعم المتبادل.
تحدى الشكوك
عندما تظهر أعراض “متلازمة المحتال”، يمكنك أن تسأل نفسك عما إذا كانت هناك حقائق فعلية تدعم هذه المعتقدات والأفكار، ثم ابحث عن أدلة لمواجهتها ودحضها.
المقارنة مع الآخرين
إن كل شخص لديه قدرات فريدة، ومن ثم فأنت تشغل منصبك لأن شخصاً ما أدرك مواهبك وإمكاناتك، ويمكن ألا تكون متفوقاً في كل مهمة تحاول القيام بها، ولكنك لست مضطراً لذلك، إذ لا يوجد بشر يستطيع القيام “بكل شيء”، ومن الجيد أن تدرك أنك تحتاج إلى القليل من الوقت لتعلم شيء جديد، حتى لو بدا أن شخصاً آخر يفهم هذه المهارة على الفور، وبدلاً من السماح لنجاح الآخرين بتسليط الضوء على عيوبك، فكر في استكشاف طرق لتطوير القدرات التي تهمك.